والتأنيب، فتقديره: إذا كان هذا سعدوا وطابوا وسروا وفرحوا بقدر كل ما يكون لهم فيه نعيم، وإذا حذف الجواب هاهنا ذهب الذهن كل مذهب في الرجاء والأمل، ومن زعم أن الواو في قوله تبارك وتعالى: وَفُتِحَتْ أَبْوابُها واو الثمانية واستدل به على أن أبواب الجنة ثمانية فقد أبعد النجعة وأغرق في النزع، وإنما يستفاد كون أبواب الجنة ثمانية من الأحاديث الصحيحة. وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:«من أنفق زوجين من ماله في سبيل الله تعالى دعي من أبواب الجنة وللجنة أبواب، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان» فقال أبو بكر رضي الله تعالى عنه يا رسول الله ما على أحد من ضرورة دعي من أيها دعي، فهل يدعى منها كلها أحد يا رسول الله؟ قال صلّى الله عليه وسلم:«نعم وأرجو أن تكون منهم» رواه البخاري ومسلم من حديث الزهري ينحوه وفيهما من حديث أبي حازم سلمة بن دينار عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «إن في الجنة ثمانية أبواب» باب منها يسمى الريان، لا يدخله إلا الصائمون». وفي صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ أو فيسبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء» وروى الحسن بن عرفة عن معاذ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «مفتاح الجنة لا إله إلا الله».
[فصل: في ذكر سعة أبواب الجنة وبعض ما أعد الله فيها]
في الصحيحين من حديث أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه في حديث الشفاعة الطويل «فيقول الله تعالى: يا محمد أدخل من لا حساب عليه من أمتك من الباب الأيمن، وهم شركاء الناس في الأبواب الأخر، والذي نفس محمد بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة ما بين عضادتي الباب لكما بين مكة وهجر- وفي رواية- مكة وبصرى». وفي صحيح مسلم عن عتبة بن غزوان أنه خطبهم خطبة فقال فيها: ولقد ذكر لنا أن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة، وليأتين عليه يوم وهو كظيظ من الزحام، وفي المسند عن حكيم ابن معاوية عن أبيه رضي الله