عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم مثله، وروى عبد بن حميد عن أبي سعيد رضي الله عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال:«إن ما بين مصراعين في الجنة مسيرة أربعين سنة». وقوله تبارك وتعالى: وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ أي: طابت أعمالكم وأقوالكم، وطاب سعيكم، وطاب جزاؤكم كما أمر رسول الله صلّى
الله عليه وسلم أن ينادى بين المسلمين في بعض الغزوات «إن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة- وفي رواية- مؤمنة» وقوله فَادْخُلُوها خالِدِينَ أي: ماكثين فيها أبدا لا يبغون عنها حولا وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ أي: يقول المؤمنون إذا عاينوا في الجنة ذلك الثواب الوافر، والعطاء العظيم، والنعيم المقيم، والملك الكبير، يقولون عند ذلك الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ أي: الذي كان وعدنا على ألسنة رسله الكرام كما دعوا في الدنيا رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ (آل عمران: ١٩٤) وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللَّهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ (سورة الأعراف: ٤٣) وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ* الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ (سورة فاطر: ٣٤، ٣٥) وقولهم وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ. قال أبو العالية وأبو صالح وقتادة والسدي وابن زيد: أي: أرض الجنة، فهذه الآية كقوله تعالى: وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ (الأنبياء: ١٠٥) ولهذا قالوا نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ أي: أين شئنا حللنا، فنعم الأجر أجرنا على عملنا. وفي الصحيحين من حديث الزهري عن أنس رضي الله عنه في قصة المعراج قال النبي صلّى الله عليه وسلم:
«أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ وإذا ترابها المسك». وروى عبد بن حميد عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم سأل ابن صائد عن تربة الجنة فقال:
در مكة بيضاء مسك خالص فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:«صدق». ورواه مسلم أيضا عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: إن ابن صائد سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن تربة الجنة فقال «در مكة بيضاء مسك خالص». وروى ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله تعالى: وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً قال: سيقوا حتى انتهوا إلى باب من أبواب الجنة فوجدوا عندها شجرة يخرج من تحت ساقها عينان فعمدوا إلى إحداهما فتطهروا منها، فجرت عليهم نضرة النعيم، فلم تغير أبشارهم بعدها أبدا، ولم تشعث أشعارهم أبدا بعدها كأنما دهنوا بالدهان، ثم عمدوا إلى الأخرى كأنما