الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ فيشعرنا كذلك بأن سورة غافر عليها طابع سورة آل عمران التي فصّلت مقدمة سورة البقرة كلها. ومن ثم نستطيع القول: إن سورة الزمر فصّلت في الآية الأولى من سورة البقرة بشكل أخص، وفصّلت فيما سوى ذلك من الآيات الأولى من سورة البقرة بشكل ضمني، وجاءت بعد ذلك سورة غافر لتفصّل في الآيتين الخامسة والسادسة بشكل أخص، وتفصّل في الآيات الأولى من سورة البقرة بشكل ضمني، وسنرى أن سورة فصّلت ستفصّل بشكل أخص في الآيات التي ستأتي بعد المقدمة من سورة البقرة، وتفصّل فيما قبل ذلك بشكل ضمني، فالتكامل بين السور الثلاث واضح بحيث تبني الثانية على الأولى، والثالثة على الأولى والثانية، فالأولى تفصّل في حيز محدّد، وتأتي الثانية لتفصّل في حيز أوسع يغطي نفس الحيّز الأول ويزيد عليه.
وتأتي الثالثة لتغطي ما غطته السورتان الأوليان وزيادة، وكل ذلك يتمّ بتكامل وتداخل بحيث لا يطغى على السياق الخاص لكل سورة.
ونلاحظ بشكل واضح أن السورة تتألف من مقدمة طويلة، تستمر حتى نهاية الآية (٢٠)، ثم يأتي قوله تعالى: أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ... وتسير السورة حتى يأتى قبيل آخرها قوله تعالى: أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ... مما يشير إلى أنّ هذه الآية معطوفة على شبيهتها بحرف العطف الفاء. ثم بعد ثلاث آيات مرتبطة بالآية المذكورة تنتهي السورة، فكأن السورة تتألف من مقدمة طويلة، ومقطع واحد، وسنرى ذلك بالتفصيل.
[كلمة في زمرة (آل حم)]
إنّ سورة غافر هي أول سورة مبدوءة ب (حم) والسور المبدوءة ب (حم) سبع، تأتي متعاقبة لا يفصل بينها شئ. والسؤال الذي يحتاج إلى جواب هو: لماذا اعتبرنا سورة الزمر بداية مجموعة؟، ولماذا لم نعتبر (حم غافر) مجموعة؟، ولماذا لم نعتبر حواميم كلها مجموعة واحدة؟ والجواب: إن سورة الزمر مبدوءة بقوله تعالى: