الرق إما استمرار لوضع وجد قبل الإسلام، أو هو مبتدأ بعد الإسلام، وما كان مبتدأ بعد الإسلام، فإما أنه بسبب من وجوده عند الآخرين، فيشتري المسلم منهم، وإما بسبب الحرب. وإن نظام الرق في الإسلام- كأثر من آثار الحرب- هو أرفق ملايين المرات من الأسر ونظام السخرة. وفتح باب المكاتبة لا يبقي مجالا لأحد يرغب في الحرية إلا ويطالها والمسلمون أعطاهم دينهم من السعة ما يستطيعون به أن يتعاملوا مع الشعوب بمثل ما تعاملهم به الشعوب، بل أكمل، ولكن يبقى نظام الرق مقررا وللمسلمين إذا رأوا مصلحة باستئنافه أن يستأنفوه، إلا إذا دخلوا في معاهدات دولية- لمصلحة إسلامية- فعليهم الوفاء بها.
[قارن بين هاتين الصورتين]
في الحرب العالمية الثانية أسرت الأطراف المتحاربة من بعضها الأعداد الهائلة، وقد ادعى الروس أن الألمان أسروا لهم ستة ملايين لم ينج منهم إلا مليون، وكان الأسرى خلال الحرب في معسكرات اعتقال رجالا ونساء، وكان الحرمان والإذلال والجوع والعطش والبرد والحر بعض ما أصابهم، وكانت الفوضى الجنسية هي الأساس. قارن هذه الصورة بما يحدث إسلاميا:
خيرنا الإسلام أثناء الحرب بالنسبة للأسرى خيارات متعددة، أحدها الاسترقاق، فيوزع الأسرى على المقاتلين، ومن كان من الخمس وزع على مستحقه، ومن حق الرقيق على سيده أن يطعمه مما يطعم، وأن يلبسه مما يلبس، وأن يسكنه السكن المناسب، ثم إن كان للرقيق قدرة على العمل والكسب- بحيث يستطيع أن يؤدي ثمن نفسه- يستطيع أن يطالب بالمكاتبة، وإذا كاتب طولب المسلمون بمساعدته، فإذا أدى الذي عليه أصبح حرا، وفي هذه الحالة يصبح جزءا من المجتمع الإسلامي له حق المواطنة كبقية أبناء الوطن الإسلامي، سواء أسلم أو لم يسلم، قارن بين هاتين الصورتين لترى أن الصورة الثانية هي الأرفق والأرحم، ومع هذا فإن الاسترقاق هو أحد الخيارات التي أعطيت لأمير المؤمنين في معاملة الأسرى.
٧ - بمناسبة قوله تعالى وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ. نقل ابن