«إذا سمعت الله يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فارعها سمعك خير يأمر به أو شرّ ينهى عنه».
أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ البهيمة في الأصل: كلّ ذات أربع قوائم، ثم أطلقت على كل حيوان في البرّ والبحر. والتقدير في الآية: أحلت لكم البهيمة من الأنعام وهي الأزواج الثمانية البقر، والغنم، والماعز، والإبل، وفسّرها بعضهم بأنها:
الظباء، وبقر الوحش، نظرا إلى ما بعدها. إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ إشارة إلى الآية التي ستأتي بعد قليل وهي حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ. فما حرّمته هذه الآية مستثنى من الحلّ العام لبهيمة الأنعام، فكان المعنى: أحلت لكم الأنعام إلا ما سيتلى عليكم من تحريم بعضها في بعض الأحوال. غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ الحرم: جمع حرام وهو المحرم.
والمعنى: أحلت لكم هذه الأشياء، لا محلّين الصيد وأنتم محرمون فكأنه أراد أنه أحل لكم الأنعام في حال امتناعكم عن الصيد وأنتم محرمون لئلا يضيّق عليكم. إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ من الأحكام. فيحلّ ما يشاء، ويحرّم ما يشاء. وله وحده حق الحكم، وحق التحليل والتحريم؛ إذ هو الربّ، وهو الأعلم بمصالح عباده.
فائدة:[حول الخلاف في إباحة جنين البهيمة المذبوحة]
استدلّ ابن عمر وابن عباس وغير واحد بقوله تعالى: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ ... على إباحة الجنين إذا وجد ميتا في بطن أمّه عند ذبحها. وقد ورد في ذلك حديث في السنن رواه أبو داود، والترمذي وابن ماجه عن أبي سعيد قال: قلنا يا رسول الله ننحر الناقة، ونذبح البقرة والشاة، في بطنها الجنين، أنلقيه أم نأكله؟ فقال:
«كلوه إن شئتم فإنّ ذكاته ذكاة أمّه» وروى أبو داود عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قوله:
«ذكاة الجنين ذكاة أمّه» وهي قضيّة خلافيّة لأنه يوجد من فهم الحديث على أنّ الجنين يحتاج إلى ذكاة كذكاة أمّه. والأمر فيه سعة.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ الشعائر: جمع شعيرة. وهو اسم ما أشعر. أي جعل شعارا. وهل المراد بها كل ما كان شعارا وعلما على دين الله من فرائضه ومحارمه؟ أو المراد بها هنا ما جعل شعارا، وعلما للنّسك، من مواقف الحج