للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طول العمر، لعمارة الأرض وامتداد الحياة. حتى إذا تكاثر الناس وعمرت الأرض لم يعد هناك داع لطول الأعمار. وهذه الظاهرة ملحوظة في أعمار كثير من الأحياء.

فكلما قلّ العدد وقلّ النسل طالت الأعمار، كما في النسور، وبعض الزواحف كالسلحفاة. حتى ليبلغ عمر بعضها مئات الأعوام. بينما الذباب الذي يتوالد بالملايين لا تعيش الواحدة منه أكثر من أسبوعين. والشاعر يعبر عن هذه الظاهرة بقوله:

بغاث الطير أكثرها فراخا ... وأم الصقر مقلاة نزور

ومن ثمّ يطول عمر الصقر. وتقل أعمار بغاث الطير. ولله الحكمة البالغة.

وكل شئ عنده بمقدار).

قال ابن كثير: (قال الثوري عن سلمة بن كهيل عن مجاهد قال:

قال لي ابن عمر: كم لبث نوح في قومه؟ قال: قلت ألف سنة إلا خمسين عاما.

قال: فإن الناس لم يزالوا في نقصان من أعمارهم وأحلامهم وأخلاقهم إلى يومك هذا:

٢ - [كلام المؤلف حول ما جاء في التوراة الحالية المحرفة عن فترة رسالة نوح عليه السلام]

تذكر التوراة الحالية المحرفة في الإصحاح التاسع: (وعاش نوح بعد الطوفان ثلاث مائة وخمسين سنة، فكانت كل أيام نوح تسع مائة وخمسين سنة ومات). وهذه الرواية أخذ بها قتادة، وقد رأينا أنّها إحدى روايات نقلها الألوسي، قال ابن كثير: وقال قتادة: يقال إن عمره كله ألف سنة إلا خمسين عاما، لبث فيهم قبل أن يدعوهم ثلاثمائة سنة، ودعاهم ثلاث مائة، ولبث بعد الطوفان ثلاث مائة سنة وخمسين عاما. قال ابن كثير: وهذا قول غريب).

أقول: ظاهر السياق أنه لبث فيهم يدعوهم إلى الله قبل الطوفان (٩٥٠) عاما ولا تصلح روايات التوراة الحالية للاعتماد حتى نصرف النّص عن ظاهره من أجلها، فمن قرأ سفر التكوين الذي فيه هذه الرواية رأى فيه من الطامّات والسخافات والبلايا ما لا يهضمه عقل ولا نقل، كما ذكرنا ذلك في أكثر من مكان من هذا التفسير خاصّة وهذا المكتوب لم يكتب إلا بعد مئات السنين كما أثبتنا ذلك في هذا التفسير فأنّى يطمئن إلى ما فيه.

٣ - [نقل عن العقاد حول حفريات ما بين النهرين وصلتها بقصة الطوفان]

كنا ذكرنا في مقدمة هذا التفسير كيف أنّ حفريات ما بين النّهرين ذكرت أن سلالات ملكية حكمت آلاف السنين ومن خلال هذه الروايات يفهم أن بعض ملوك تلك المرحلة كانوا يعمّرون وسطيا أكثر من ألف عام، وذكرنا هناك النقول،

<<  <  ج: ص:  >  >>