للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللعنة، وأن العذاب لا يفتر عنهم ساعة واحدة، ثم فتح لهؤلاء باب الأمل على مقتضى الفضل بأنهم إذا تابوا بعد ردتهم وأصلحوا، فإن رحمة الله وغفرانه يصلان إليهم. ذكرت هذه المعاني في الآيات الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة. وفي الآية السابعة، أكد الله تهديده ووعيده لمن كفر بعد إيمانه، ثم ازداد كفرا واستمر عليه إلى الممات. أن هؤلاء لن تقبل توبتهم عند الممات. ثم وصفهم بأنهم الخارجون عن المنهج الحق إلى طريق الغي.

وفي الآية الثامنة: عمم الله عزّ وجل مبينا استحقاق العذاب لكل كافر مات على الكفر، وأنه لا ينقذه من عذاب الله شئ، ولو كان قد أنفق ثقل الأرض ذهبا، ولو افتدى نفسه من الله بملء الأرض ذهبا، وليس لأحد منهم نصير ينقذهم من عذاب الله، ولا يجيرهم من أليم عقابه، وسنرى المذاهب في أنواع من الناس ماتوا على الكفر ولم تبلغهم دعوة الله عزّ وجل.

[المعنى الحرفي]

قُلْ آمَنَّا هذا أمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يخبر عن نفسه وعمن معه بالإيمان بما سيأتي في الآية، ولذا وحد الضمير في قل، وجمع في آمنا. وهو أمر لكل فرد من أمته. وقد خوطبت الأمة كلها بمثل هذا في سورة البقرة بلفظ الجمع قولوا. بِاللَّهِ بوجوده وصفاته، وأسمائه، وأفعاله، وربوبيته، وألوهيته. وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا:

يعني القرآن والسنة. وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أي من الصحف والوحي وَالْأَسْباطِ أي أولاد يعقوب، وذرياتهم من الأنبياء وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى أي التوراة والإنجيل. وَالنَّبِيُّونَ جملة. مِنْ رَبِّهِمْ أي آمنا بما أنزل عليهم من عند ربهم. لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ في الإيمان كما فعلت اليهود والنصارى وغيرهم، بل نؤمن بجميعهم. وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ أي ونحن لله موحدون مستسلمون، مخلصون له أنفسنا، لا نجعل له شريكا في عبادتنا وعبوديتنا، فهو إلهنا وربنا.

وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً أي: ومن يطلب دينا سوى الإسلام، المتمثل بإسلام الوجه لله، وبالتسليم له ولشرعه الذي بعث به رسله. والذي كانت صيغته الأخيرة ما أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ذلك. وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ الذين خسروا أنفسهم، وأعمالهم. ولعل هذه الآية، أوضح دليل على ما ذهبنا إليه في أن هذا القسم، يفصل في قوله تعالى. وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ من مقدمة سورة البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>