للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ. أي: بدلا من أن تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض، سلوا الله يعطكم، فإنه واسع الفضل. قال ابن عيينة: لم يأمر بالمسألة إلا ليعطي. إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً. تفضيله بعلم، وعطاؤه بعلم، وإذا سئل يعلم، فلا تعترضوا على الله في فعل أو حكم.

وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ. الموالي: هم الوراث، يلون المال ويحرزونه. وقوله تعالى: وَلِكُلٍّ. يحتمل في هذا المقام إما: ولكل أحد، وإما: ولكل مال. مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ. فصار المعنى: لكل مال مما ترك الوالدان والأقربون جعلنا وراثا يرثونه ويحوزونه، هذا على تقدير أن المحذوف بعد: (ولكل) كلمة: مال، وعلى القول بأن المقدر بعد (ولكل) كلمة: أحد يكون المعنى: ولكل أحد جعلنا له وراثا يرثون مما ترك الوالدان والأقربون. وعلى هذا نكون قد قدرنا فعلا قبل (مما ترك). استخرجناه من معنى قوله تعالى: مَوالِيَ. وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ.

أي: والذين عاقدتهم أيديكم أي: عقدت عهودهم أيمانكم فأعطوهم نصيبهم من الميراث. وفي الآية إشارة إلى عقد الموالاة، وهو مشروع عند الحنفية، ويرث صاحبه الميت بعد أصحاب الفروض، والعصبة، وذوي الأرحام، وتفسيره: إذا أسلم رجل أو امرأة ولا وارث له، وليس بعربي، ولا معتق، وأراد فإنه يقول لعربي مسلم: واليتك على أن تعقلني إذا جنيت، وترث مني إذا مت، ويقول الآخر: قبلت. انعقد ذلك، ويرث العربي من مولاه إذا لم يكن هناك أحق منه من صاحب فرض، أو عصبة، أو رحم إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً. فهو عالم الغيب والشهادة، ويفيد هنا أنه شهيد على عقودكم ففوا بها، وقوموا بالتزاماتها، وهو أبلغ وعد ووعيد، فإذا كان الله شهيدا

على عقودنا فإنه يأجر على الوفاء، ويعاقب على الغدر والنكث.

[فوائد]

١ - يعتبر فقهاء الشافعية أن من تمام التراضي بالبيع، إثبات خيار المجلس كما ثبت في الصحيحين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا». وفي لفظ البخاري: «إذا تبايع الرجلان، فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا». وهذا مذهب أحمد. وفهم الحنفية من الحديث، أن المراد منه تفرق الأقوال، لا الأجساد.

٢ - وقال الفقهاء: إن من تمام التراضي في عقد البيع، مشروعية خيار الشرط بعد العقد إلى ثلاثة أيام إذا وجد في العقد. وما زاد على الثلاثة أيام، فيه خلاف فمنهم

<<  <  ج: ص:  >  >>