تعالى بهذا أن طيبات الحياة الدنيا خلقت للذين آمنوا على طريق الأصالة، والكفار لهم تبع كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ ليتميز الحلال من الحرام لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ أنه لا شريك له
قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ أي ما تفاحش قبحه أي تزايد ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ أي سرها وعلانيتها وَالْإِثْمَ أي الذنب وهو المخالفة لأمر الله وَالْبَغْيَ أي الظلم والكبر بِغَيْرِ الْحَقِّ أما رد البغي بمثله فهو وإن كان- لولا الابتداء من الظالم بغيا- فإنه مأذون فيه شرعا وَأَنْ تُشْرِكُوا أي وحرم الشرك بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً والله لا ينزل برهانا أبدا على أن يشرك به غيره، ولكنه رد لزعمهم أنهم أشركوا بأمر الله وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ أي وحرم عليكم أن تتقولوا على الله بوصفه بغير صفاته، وأن تفتروا الكذب عليه بتحريم ما أحل، أو تحليل ما حرم
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ أي وقت معين يأتيهم فيه عذاب الاستئصال إن لم يؤمنوا، وهو وعيد لمن يرفض هذا الدين بالعذاب النازل في أجل معلوم عند الله فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ذكر الساعة في هذا المقام لأنها أقل ما يستعمل في الإمهال والمعنى لا يمهلون لحظة واحدة.
[تعليقات]
رأينا أنه يدخل في أخذ المسلم زينته عند كل مسجد أن يصلي ويطوف وهو ساتر عورته وهذا شئ اعترضت عليه الجاهلية وتعليقا على ذلك يقول صاحب الظلال:
«ومن عجيب ما روي من حال المشركين الذين خوطبوا بهذه الآيات أول مرة؛ ووجه إليهم هذا الاستنكار الوراد في قوله تعالى: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ ... ما رواه الكلبي قال: «لما لبس المسلمون الثياب، وطافوا بالبيت عيرهم المشركون بها. فنزلت الآية .. » فانظر كيف تصنع الجاهلية بأهلها! ناس يطوفون ببيت الله عرايا؛ فسدت فطرتهم وانحرفت عن الفطرة السليمة التي يحكيها القرآن الكريم عن آدم وحواء في الجنة: فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ .. فإذا رأوا المسلمين يطوفون بالبيت مكسوين، في زينة الله التي أنعم بها على البشر، لإرادته بهم الكرامة والستر؛ ولتنمو فيهم خصائص فطرتهم
الإنسانية في سلامتها وجمالها الفطري؛ وليتميزوا عن العري الحيواني .. الجسمي والنفسي .. إذا رأوا المسلمين يطوفون ببيت الله في زينة الله وفق فطرة الله «عيروهم».