لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ أي: لعل الساعة قريب منك، وأنت لا تدري. قال ابن كثير:
فيه ترغيب فيها وترهيب منها، وتزهيد في الدنيا. قال النسفي: ووجه مناسبة اقتراب الساعة مع إنزال الكتب والميزان، أن مع الساعة يأتي الحساب ووضع الموازين
بالقسط، فكأنه قيل: أمركم الله بالعدل والتسوية والعمل بالشرائع، فاعملوا بالكتاب والعدل، قبل أن يفاجئكم يوم حسابكم ووزن أعمالكم.
يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها قال ابن كثير: أي: يقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين. وإنما يقولون ذلك تكذيبا واستبعادا، أو كفرا وعنادا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ أي:
خائفون مِنْها أي: وجلون من وقوعها. وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أي: كائنة لا محالة فهم مستعدون لها، عاملون من أجلها. أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ أي: يجادلون في وجودها، ويدفعون وقوعها لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ عن الحق. أي:
في جهل بيّن. قال ابن كثير: لأنّ الذي خلق السموات والأرض قادر على إحياء الموتى بطريق الأولى والأحرى. وقال النسفي: لأن قيام الساعة غير مستبعد من قدرة الله تعالى، وقد دلّ الكتاب والسنّة على وقوعها، والعقول تشهد على أنّه لا بدّ من دار جزاء.
كلمة في السياق:[الفقرة الأولى حول صلتها بما سبقها وبالمحور]
بيّنت المجموعة الأولى من هذا المقطع أن مضمون رسالات الله هي أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ فمضمون رسالات الله كلها الإسلام والاجتماع عليه، وقد جاءت هذه الفقرة لتبيّن أن الإسلام هو الحق وهو العدل، وحضّت على إقامته من خلال التذكير بقرب الساعة، فالصلة واضحة بين الفقرة وما سبقها، وصلة الفقرة بالآيات الأولى من سورة البقرة كذلك واضحة: الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ .. وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ...