للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول: المنافق يظن أن كل حديث بين اثنين هو المقصود فيه، ويظن أنه هدف التآمر، ومن ثم فإن أي حركة مهما كان نوعها يظنها موجهة ضده هُمُ الْعَدُوُّ قال النسفي: أي: هم الكاملون في العداوة، لأن أعدى الأعداء العدو المداجي الذي يكاشرك وتحت ضلوعه الداء الدوي فَاحْذَرْهُمْ ولا تغتر بظاهرهم فإنهم لا يألون الإسلام وأهله خبالا وغدرا إن استطاعوا قاتَلَهُمُ اللَّهُ قال النسفي: دعاء عليهم أو تعليم للمؤمنين أن يدعوا عليهم بذلك أَنَّى يُؤْفَكُونَ أي: كيف يصرفون عن الهدى إلى الضلال، وفي النص تعجيب من جهلهم وضلالتهم، وعدولهم عن الحق وانصرافهم عنه.

[كلمة في السياق]

في هذه المجموعة أعطانا الله عزّ وجل مزيدا من الإيضاحات عن الطبيعة المنافقة في كونها تحسن الكلام في الدنيا، وفي كونها لا حياة فيها، لأنه لا عمل صالحا لها، وفي

كونها كثيرة الجبن شديدة الشك، وفي كون المنافقين أشد الناس عداوة للإسلام وأهله، وفي كونهم مصروفين صرفا تاما عن الخير، فالمجموعة الثانية تزيدنا إبصارا في شأن المنافقين، ومن قبل رأينا صلة هذه المجموعة بقوله تعالى من سورة البقرة وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ وقد جاء في هذه المجموعة قوله تعالى: وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ وورد هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ وفي سورة البقرة إيضاح لكيفية ظهور عدائهم وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ وفي هذه المجموعة أمر بالحذر منهم فلا يعطون فرصة، وما أقل الحذر من المنافقين في عصرنا، وما أكثر الذين يعطونهم فرصا. ثم تأتي المجموعة الثالثة لتزيدنا بيانا في شأن المنافقين.

[تفسير المجموعة الثالثة من الفقرة الأولى]

وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ أي: عطفوها وأمالوها إعراضا عن ذلك واستكبارا وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ أي: يعرضون وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ عن الاعتذار والاستغفار، قال ابن كثير: أي: صدوا وأعرضوا عما قيل لهم استكبارا عن ذلك، واحتقارا لما قيل لهم ...

ثم جازاهم الله على ذلك فقال: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ أي: سواء عليهم

<<  <  ج: ص:  >  >>