للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقتلوكم أخبث أنواع القتل بالرجم بالحجارة، يتهموكم ثمّ يقتلوكم أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ بالإكراه وتسليط أنواع العذاب عليكم وَلَنْ تُفْلِحُوا إن عدتم في دينهم إِذاً أَبَداً لا في الدنيا ولا في الآخرة، بينت الآية أن طريقة قومهم في معاملة المسلمين، التعذيب حتى الموت، أو الإكراه على ترك الإسلام.

[فائدة]

من المناقشة التي جرت بينهم عند استيقاظهم استدل ابن عباس- كما نقل النسفي- على أن الصحيح أن عددهم سبعة لأنه قد قال في الآية قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ وهذا واحد، وقالوا في جوابه قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ وهو جمع وأقله ثلاثة، ثم قال: قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ وهذا قول جمع آخرين فصاروا سبعة.

قال: واحد. (قالوا الأولى) تدل على ثلاثة. (قالوا الثانية) تدل على ثلاثة المجموع سبعة، وسنرى أن ابن كثير يرجح أنهم سبعة استدلالا بآية لاحقة، وينقل عن ابن عباس أنهم سبعة دون الإشارة إلى الاستدلال الذي نقله النسفي. ولعل العاملين في حقل الدعوة الإسلامية في ساعات الشدة يستفيدون من ذكر هذا الرقم.

وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ أي وكما أنمناهم وبعثناهم لما في ذلك من الحكمة أطلعنا عليهم الناس لِيَعْلَمُوا أي الناس في زمانهم مشاهدة، والناس بعدهم من خلال أخبارهم أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ وهو البعث حَقٌّ أي كائن لأن حالهم في نومهم الطويل وانتباههم بعدها كحال من يموت ثم يبعث وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها أي ويستدلون بأمرهم على صحة البعث إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ أي أعثرنا عليهم حين يتنازع أهل ذلك الزمان بينهم أمر دينهم، ويختلفون في حقيقة البعث، هل هو كائن أو لا؟ بالجسد والروح، أو بالروح فقط؟ ليرتفع الخلاف، وليتبين أن الأجساد تبعث حية حساسة، فيها أرواحها كما كانت قبل الموت فَقالُوا أي الناس حين توفى الله أصحاب الكهف ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً أي سدّوا عليهم باب كهفهم، وذروهم على حالهم، فالمعنى: ابنوا على باب كهفهم بنيانا لئلا يتطرّق إليهم الناس؛ ضنا بتربتهم ومحافظة عليها رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ هذا إما من كلام المتنازعين، كأنهم تذاكروا أمرهم وحقيقة حالهم من بدايتهم إلى نهايتهم ومآلهم، ثم تركوا علم حقيقة ذلك إلى الله، أو أنه من كلام الله عزّ وجل ليبين لنا أن هذا المقام لا يعلمه إلا هو قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ أي أصحاب الكلمة والنفوذ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً أي يصلي فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>