ليلهم ونهارهم فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ أي فإنهم لا يعجزون الله على أي حال كانوا عليه،
أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ أي متخوفين وهو أن يهلك أحدا قبلهم فيتخوفوا فيأخذهم العذاب وهم متخوفون متوقعون وهو خلاف حالة مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ. قال ابن كثير في تفسيرها: أي أو يأخذهم الله في حال خوفهم من أخذه لهم، فإنه يكون أبلغ وأشد، فإن حصول ما يتوقع مع الخوف شديد، ثم قال تعالى:
فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ حيث لم يعاجلكم بالعقوبة، فهو يحلم عنكم مع استحقاقكم، والمعنى: أنه إذا لم يأخذكم مع ما فيكم فلرأفته ورحمته، فكفّوا إذن عن مكركم السيئات، وآمنوا برسول الله، وادخلوا في دينه، ولا تتبعوا خطوات الشيطان، وبعد أن أنذرهم لفت نظرهم إلى خضوع الأشياء كلها له، وفي ذلك ترغيب لهم أن يوافقوا الأشياء فلا يشذوا عنها، وأن يشاركوا الملأ الأعلى بكمالاته
أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ أي ترجع ظلاله من موضع إلى موضع عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ أي ذات اليمين وذات الشمال، أي بكرة وعشيا سُجَّداً لِلَّهِ أي هذه الظلال خاضعة له تعالى: وَهُمْ داخِرُونَ أي صاغرون، أي الأشياء نفسها خاضعة صاغرة، كما أن ظلالها ساجدة، والمعنى: أو لم يروا إلى ما خلق الله من الأجرام التي لها ظلال متفيئة عن أيمانها وشمائلها، بحيث ترجع الظلال من جانب، إلى جانب منقادة لله تعالى، غير ممتنعة عليه فيما سخّرها له من التفيؤ، والأجرام في أنفسها داخرة أيضا صاغرة منقادة لأفعال الله فيها، غير ممتنعة، أو لم يروا ذلك؟ أي: أو لم يروا خضوع الأشياء كلها لله فيخضعوا ويسلموا
وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ فملائكة السموات والأرض تسجد، ودواب الأرض والسموات ساجدة وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ عن السجود له تعالى والخضوع
يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ فهم خاضعون خائفون وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ فهم مطيعون.
فإذا كانت الأشياء كلها خاضعة ساجدة، وإذا كان الملائكة ساجدين خائفين مطيعين، فما بال هؤلاء لا يسجدون ولا يخافون ولا يطيعون أي فما لهم لا يدخلون في السلم كافة.