للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والملاحظ أن منطق المنافقين الذي ختم به المقطع، هو نفس منطق الكافرين الذي بدئ به المقطع، ومن ثم نعرف وحدة المقطع.

وإذا نظرنا إلى المقطع من خلال السياق، وكنا متذكرين صلة هذا المقطع بمقدمة سورة البقرة، عرفنا أن هذا المقطع يصفي المؤمنين، من أن تكون عندهم تصورات الكافرين، أو المنافقين، في قضية القتل، أو الموت، مع تبيان التصورات الصحيحة، مع تبيان مجموعة النعم التي ينبغي أن يقوم بشكرها المؤمنون، مع تبيان كثير من الأخلاق والتصورات الإيمانية، مع معان أخر، وكلها مرتبطة بقضية الإيمان، وكل ذلك مرتبط بشكل ما بمقدمة سورة البقرة.

[المعنى الحرفي]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا أي: لا تتشبهوا بالكفار في اعتقادهم الفاسد الدال عليه ما يأتي وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ أي: عن إخوانهم في النسب، أو في المذهب والمسلك إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أي: سافروا للتجارة أو نحوها أَوْ كانُوا غُزًّى أي: أو كانوا في الغزو فأصابهم موت أو قتل لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا أي: لو كانوا عندنا في البلد ما ماتوا في سفر، وما قتلوا في غزو والمعنى: لا تكونوا كهؤلاء في النطق بذلك القول واعتقاده لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ أي: قالوا ذلك واعتقدوه، وأراده الله؛ ليكون ذلك حسرة في قلوبهم، والحسرة: هي الندامة على فوت المحبوب. أما أنتم فصونوا منها قلوبكم بالاعتقاد الصحيح بقضاء الله وقدره. وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ هذا رد لقولهم الفاسد: من أن القتال أو السفر يقطع الآجال أو يقربها، فالأمر بيده- سبحانه- فقد يحيي المسافر والمقاتل ويميت المقيم والقاعد، لا يزاد في عمر أحد، ولا ينقص منه شئ، ولا يحيا أحد، ولا يموت إلا بمشيئته وحده- جل جلاله- وقضائه وقدره.

وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ فيجازيكم على أعمالكم.

دل ختم الآية بهذا، على أن القول من العمل، فما أعقل من استشعر رؤية الله لأعماله، وأقواله، وأحواله، وعرف مجازاة الله له على ذلك كله.

وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ أي: لنيل أهل الإيمان مغفرة الله ورحمته في حال قتلهم أو موتهم خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ خير مما يجمع أهل

<<  <  ج: ص:  >  >>