١ - مر معنا حديث ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«ما حق امرئ مسلم له شئ يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده».
وقد حمل العلماء هذا على من عليه دين، أو عنده مال لقوم، أو كانت له حقوق على الناس يخاف تلفها على الورثة. فعندئذ تكون الوصية في حقه واجبة. أما عن سوى ذلك. فالوصية في حقه مندوبة، أن يوصي أهله بتقوى الله، والاستمرار على الإسلام وألا يفعلوا منكرا في جنازته. ثم إذا ترك مالا، فالمستحب في حقه أن يوصي لغير الوارثين من الأقربين، والأرحام، والفقراء، وأوجه الخير.
٢ - هناك اتجاه يرى أن الوصية للوالدين والأقربين من غير الوارثين واجب، كما إذا كان الوالدان كافرين. وبناء على هذا الاتجاه، فقد اعتمد قانون الأحوال الشخصية في بعض الأقطار الإسلامية وجوب الوصية لابن الابن إذا توفي أبوه في حياة جده.
٣ - قال القرطبي في قوله تعالى: فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ (الخطاب .. لجميع المسلمين. قيل لهم: إن خفتم من موص ميلا في الوصية، وعدولا إلى زوج ابنته، أو لولد ابنته، لينصرف المال إلى ابنته، أو إلى ابن ابنه، والغرض أن ينصرف المال إلى ابنه، أو أوصى لبعيد وترك القريب، فبادروا إلى السعي في الإصلاح بينهم. فإذا وقع الصلح سقط الإثم عن المصلح والإصلاح فرض على الكفاية. فإذا قام أحدهم به سقط الإثم عن الباقين، وإن لم يفعلوا أثم الكل) أي ممن يعلم.
٤ - أخرج عبد الرزاق عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة. فإذا أوصى، حاف في وصيته فيختم له بشر عمله.
فيدخل النار. وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة فيعدل في وصيته، فيختم له بخير عمله، فيدخل الجنة». قال أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها. الآية وقد وصف ابن كثير هذا الحديث بأنه أحسن ما ورد في هذا الباب.
٥ - قال النسفي في الآية: (وقيل غير منسوخة لأنها نزلت في حق من ليس بوارث بسبب الكفر. لأنهم كانوا حديثي عهد بالإسلام. يسلم الرجل ولا يسلم أبواه وقرائبه. والإسلام قطع الإرث. فشرعت الوصية فيما بينهم قضاء لحق القرابة ندبا.