حكمك الموافق لما في كتابهم لا يرضون به وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ لا بك ولا بكتابهم كما يدّعون.
[فوائد]
١ - [سبب استحقاق عقوبة عدم تطهير الله قلوب المنافقين واليهود]
في هذه الآيات الثلاث نهي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يحزن لمسارعة نوعين من الناس في الكفر، المنافقين واليهود، ووصف لهؤلاء، ووعيد لهم بالذلّة بالدنيا والعذاب في الآخرة، وقطع رجاء المؤمنين من إيمانهم، وهذه قضية مهمة، إذ ما السبب الذي استحق به هؤلاء عقوبة ألّا يطهر الله قلوبهم؟. أمّا المنافقون فسبب ذلك سماعهم للكذب سماع قبول، وتجسّسهم لحساب أعداء الله، وأما اليهود فسبب ذلك تحريفهم كتاب الله، وإرادتهم أن يكونوا قوّاما على دين محمّد صلّى الله عليه وسلّم بدلا من الإسلام له، وسماعهم للكذب، وأكلهم المال الحرام، فإذا ربطنا بين هذه الآيات وبين محور السّورة من البقرة وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ* الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أدركنا بعض الأسباب التي يستحقّ بها أهلها إضلال الله، وأدركنا بعض مظاهر الفسوق عن
أمر الله.
٢ - [سبب نزول الآيات (٤١ - ٤٣)]
يذكر المفسرون سببي نزول لهذه الآيات. قال ابن كثير:«وقد يكون اجتمع هذان السّببان في وقت واحد فنزلت هذه الآيات في ذلك كله». وسنؤخر ذكر أسباب النزول لكنّا هنا نذكّر في أنّ خصوص السبب لا يمنع عموم اللفظ. فالعبرة لعموم اللفظ، فكل من سمع لأعداء الله وتجسس لحسابهم على أولياء الله يدخل في الآيات، وكل من حرّف كلام الله، وسمع للكذب، وأكل السّحت يدخل في الآيات، وإن كانت الآية في الأصل في اليهود، وفي وقائع من وقائعهم.
إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً يهدي للحق وَنُورٌ يبين ما استبهم من الأحكام يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا. أي: انقادوا لحكم الله في التوراة وهو صفة أجريت للتبيين على سبيل المدح، وأريد بإجرائها التعريض باليهود لأنهم بعداء من ملّة الإسلام التي هي دين الأنبياء كلهم لِلَّذِينَ هادُوا. أي: للذين تابوا من الكفر وَالرَّبَّانِيُّونَ. أي: الزّهاد وَالْأَحْبارُ. أي: والعلماء أي وهؤلاء يحكمون بالتوراة بِمَا اسْتُحْفِظُوا. أي: بما استودعوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ. أي: رقباء لئلا يبدّل فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ هذا نهي لمن