للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحول عدم فهمه للغة القرآن دون فهمه لفحواه فلا تقوم عليه الحجة به؛ ويبقى إثمه على أهل الدين، الذين لم يبلغوه بلغته، التي يفهم بها مضمون هذه الشهادة .. هذا إذا كان مضمون القرآن لم يترجم إلى لغته».

أقول: كان بعض شيوخنا يرى أنّه متى سمع أحد باسم محمّد صلّى الله عليه وسلّم فإنّ عليه أن يبحث، وإذا لم يبحث فإنّه آثم معذّب عند الله، وكان يأخذ ذلك من قوله علية الصلاة والسلام في الحديث الصحيح «والذي نفسي بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة، يهودي ولا نصراني، ثمّ لم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار» وعلى هذا الاتجاه فإنّ مجرد السّماع باسم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبرسالته يعتبر تبليغا للسامع، وبه تقوم الحجة عليه.

وكان بعض العلماء يفرّق بين من بلغته الدعوة عن طريق مسلم مشافهة أو سماعا أو كتابة، وبين من لم يبلغه عن هذا الطريق، فمن قرأ عن الإسلام بقلم مسلم، أو سمع عن الإسلام بالراديو، أو التلفزيون، أو بالخطاب المباشر من مسلم، فقد قامت عليه الحجة، ويدخل في ذلك بلا شك من وقعت بيده ترجمة مسلم للقرآن الكريم، وعلى رأي هؤلاء فإن من لم يسمع عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلا من كافر فإنّ الحجة لم تقم عليه.

ويرى بعض العلماء أن مجرد السماع باسم محمد صلّى الله عليه وسلّم ورسالته، مع وجود القدرة على التعرّف من خلال الكتاب أو عن طريق مسلم كاف لإقامة الحجة، وعلى هذا فمتى وجد المسلم في مكان أو وجد الكتاب الذي يشرح الإسلام بلغة يفهمها أهل مكان، وتسامع أهل ذلك المكان باسم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقد

قامت عليهم الحجة.

ولنا عودة على هذا الموضوع، ويكفي هنا أن نعرف أنّه حيث يستطيع المسلمون أن يبلغوا بالدعوة ثمّ لا يبلغون؛ فإنهم آثمون، والإثم يوجد حيث توجد الاستطاعة، واستطاعة كل إنسان بحسبه، وفي الحديث «بلّغوا عني ولو آية» ومن الحديث نفهم أنه يفترض على المسلمين التبليغ، وأنه بالآية تقوم الحجة، وفي الفوائد ما يؤكد هذا.

[فوائد: حول الآيات (١٨ - ٢١)]

١ - بدأ المقطع بإعطائنا تصورا عاما عن مضمون المقطع من خلال ذكر قهر الله، وعلمه وحكمته، وإذ ثبت القهر والعلم والحكمة لله- عزّ وجل- فقد أثبت الله أنه الأكبر شهادة، وشهد لرسوله صلّى الله عليه وسلّم بالرسالة، وأقام الحجة على ذلك بالقرآن،

<<  <  ج: ص:  >  >>