للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي أوحاه الله إليه وَإِذْ تَخْلُقُ معطوف على ما أمر أن يتذكره من نعم الله، وتخلق بمعنى تقدّر مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ. أي: تصنع من الطين هيئة مثل هيئة الطير بِإِذْنِي. أي: بتسهيلي فَتَنْفُخُ فِيها. أي: في الهيئة التي كان يقدّرها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي. وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ. أي الذي خلق أعمى وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى. أي: من القبور أحياء بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ. أي: حين همّوا بقتله، أي اليهود إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ.

أي: المعجزات الواضحات فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ وصفوا المعجزة بالسّحر، والرسول بالساحر

وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ. أي:

وإذ ألهمت الحواريين. والحواريون: هم الخواص أو الأصفياء أَنْ آمِنُوا. أي:

آمنوا بِي وَبِرَسُولِي قالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ. أي: اشهد بأننا مخلصون لله في إسلامنا وجوهنا إليه

إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ. أي: هل يفعل أو هل يطيعك ربك إن سألته؟ والعرب تستعمل استطاع وأطاع بمعنى واحد أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ المائدة هي الخوان إذا كان عليه الطعام قالَ اتَّقُوا اللَّهَ. أي: في اقتراح الآيات بعد ظهور المعجزات إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ إذ الإيمان يوجب التقوى

قالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها. أي: تبركا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا. أي: وتزداد يقينا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا. أي: نعلم صدقك عيانا كما علمناه استدلالا وَنَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ. أي: نشهد بما عاينّا لمن بعدنا، ولمّا كان السؤال لزيادة العلم لا للتعنّت

قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا. أي: يكون يوم نزولها عيدا لمن في زماننا من أهل ديننا ولمن يأتي بعدنا، أو للمتقدمين منا والأتباع وَآيَةً مِنْكَ. أي: على صحة نبوتي وَارْزُقْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ. أي:

وأعطنا ما سألناك وأنت خير المعطين

قالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ وعدهم الإنزال، وشرط عليهم في حالة الإنزال شرطا، هذا الشرط هو أنّ من يكفر بعد إنزالها فإنّ الله يعذبه تعذيبا لا يعذبه أحدا من عالمي زمانهم، فهل قبلوا الشرط وأنزل الله المائدة، أو أنّهم تركوا السؤال بعد سماعهم هذا الشرط؟ قولان للمفسرين، وسيأتي في الفوائد

وَإِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ الجمهور على أنّ هذا السؤال يكون في يوم القيامة قالَ سُبْحانَكَ. أي: أنزهك من أن يكون لك

<<  <  ج: ص:  >  >>