للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم يبين الله عزّ وجل أن هؤلاء الموقنين بالآخرة، تشهد لهم أنواع الآيات، ولذلك قال تعالى: وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ* وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ* وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ* فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ.

٣ - نلاحظ أن مقدمة سورة الذاريات ورد فيها قوله تعالى: إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ، وقد جاء في الفقرة الأولى قوله تعالى: وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ* فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ونلاحظ أن السورة تختم بقوله تعالى: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ، وهكذا نجد موضوع وعد الله باليوم الآخر يتردد في أوائل السورة ووسطها ونهايتها، مما يشير إلى أن موضوع اليوم الآخر هو المعنى الرئيسي في السورة، فمحور السورة الأخص هو: وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ* أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، وإن كانت السورة تتعرض لما هو أوسع من ذلك مما له علاقة بالمحور.

٤ - عرضنا ما مر من السورة على أنه مقدمة وفقرة، والواقع أن الفقرة اللاحقة مرتبطة ارتباطا كاملا بالفقرة الأولى؛ لأن قصة إبراهيم وغيره من الرسل عليهم الصلاة والسلام الآتية قصصهم كلها آتية في سياق عرض آيات من آيات الله للموقنين كما سنرى، فهي امتداد للفقرة الأولى، ولذلك قلنا إن الفقرتين تشكلان مقطعا واحدا.

٥ - نلاحظ أن الخطاب في المجموعة اللاحقة يتوجه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم:

هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ كما أن محور السورة يتوجه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ... وهي ملاحظة نسجلها لمجرد الإشعار بوجود الصلات الكثيرة بين سورة الذاريات ومحورها من سورة البقرة.

[الفقرة الثانية]

وتمتد من الآية (٢٤) إلى نهاية الآية (٥٥) وهذه هي:

[المجموعة الأولى من الفقرة الثانية]

[سورة الذاريات (٥١): الآيات ٢٤ الى ٣٧]

هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (٢٤) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (٢٥) فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (٢٦) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قالَ أَلا تَأْكُلُونَ (٢٧) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (٢٨)

فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (٢٩) قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (٣٠) قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (٣١) قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (٣٢) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ (٣٣)

مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ (٣٤) فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٦) وَتَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٣٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>