فِي الْأَرْضِ الفسيحة وَلا فِي السَّماءِ التي هي أفسح منها وأبسط وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ يتولى أموركم وَلا نَصِيرٍ أي ولا ناصر يمنعكم من عذابه
وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ أي بدلائله على وحدانيته، وكتبه، ومعجزاته وَلِقائِهِ أي باليوم الآخر أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي أي من جنتي وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ قال ابن كثير: أي موجع شديد في الدنيا والآخرة.
[كلمة في السياق]
لفتت هذه الآيات النظر إلى رؤية البداية والنهاية، فمن رأى البداية والنهاية عبد الله وشكره، ولم يطلب الرزق إلا منه. وهي الدعوة التي ركّز عليها إبراهيم عليه السلام.
كما لفتت الآيات النظر إلى طلاقة المشيئة الإلهية في الرحمة والعذاب. وهذا يقتضي عبادة وشكرا، وطلبا منه وحده. كما لفتت الآيات النظر إلى عدم فوات الإنسان الله في السماء والأرض. وفي ذلك دفع للعبادة والشكر، وطلب الرزق من الله وحده.
وختمت الآيات بإيئاس الكافرين من رحمة الله، واستحقاقهم العذاب، وفي ذلك دفع نحو العبادة والشكر، فارتباط الآيات فيما مضى من قصة إبراهيم عليه السلام واضح، كما أن في الآيات ردا على الكافرين في قولهم: اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ ...
فلو أن الكافرين رأوا البداية والنهاية، وعرفوا طلاقة المشيئة الإلهية في الرحمة والعذاب، وعرفوا عدم فواتهم لله، وعرفوا أن رحمته لا ينالها كافر، وأن العذاب آت، لو عرفوا هذا، ما تجرّءوا على الكفر والتكفير.
ثم يعود السياق إلى قصة إبراهيم عليه السلام:
فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ أي قوم إبراهيم حين دعاهم إلى الإيمان إِلَّا أَنْ قالُوا أي قال بعضهم لبعض اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فاتفقوا على تحريقه بعد أن قامت عليهم الحجة، ولزمهم البرهان فعدلوا، شأن الطغاة إلى استعمال عزّ السلطان ضد الإيمان فَأَنْجاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ حين قذفوه فيها إِنَّ فِي ذلِكَ أي في فعلهم وفعل الله لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ أما الكافرون فإنهم لا ينتفعون بآية أبدا.
...
[كلمة في السياق]
فيما قصّه الله عزّ وجل علينا من قصة إبراهيم عليه السلام نموذج للمحنة والفتنة التي يختبر الله بها عباده، ونموذج على نصرة الله لعباده المؤمنين، ونموذج لثبات المؤمنين