للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التعريض أوصل بالمجادل إلى الغرض، قال ابن كثير: (أي واحد من الفريقين مبطل والآخر محقّ؟ لا سبيل إلى أن تكونوا أنتم ونحن على الهدى، أو على الضلال، بل واحد منا مصيب، ونحن قد أقمنا البرهان على التوحيد، فدل على بطلان ما أنتم عليه من الشرك)

ثم أمره أن يقول: قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا إن كان ما نحن فيه إجرام وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ إن كان لكم أعمال تسألون عنها، وهو نوع من الخطاب غاية في هضم النفس، والتأدب مع المخاطبين، مع المفاصلة الكاملة ومن ثمّ قال ابن كثير: (معناه التبري منهم أي لستم منا ولا نحن منكم، بل ندعوكم إلى الله تعالى، وإلى توحيده، وإفراد العبادة له، فإن أجبتم فأنتم منّا ونحن منكم وإن كذّبتم فنحن برءاء منكم، وأنتم برءاء منا)

قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا أي يوم القيامة يجمع بين الخلائق في صعيد واحد ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ أي يحكم بيننا بالعدل بلا جور ولا ميل وَهُوَ الْفَتَّاحُ أي الحاكم الْعَلِيمُ أي العالم بالعمل والحكم قال ابن كثير: أي الحاكم العادل، العالم بحقائق الأمور

قُلْ يا محمد لهؤلاء الكافرين أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ أي بالله شُرَكاءَ في العبادة كَلَّا أي ارتدعوا عن هذا القول، وتنبهوا عن ضلالكم بَلْ هُوَ اللَّهُ لا غيره الْعَزِيزُ أي الغالب، فلا يشاركه أحد الْحَكِيمُ في تدبيره

وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ أي لجميع الخلائق من المكلفين بَشِيراً وَنَذِيراً أي تبشر من أطاعك بالجنة، وتنذر من عصاك بالنار وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ فيحملهم جهلهم على مخالفتك.

..

[نقول: قال صاحب الظلال في حديثه عن هذه المجموعة]

(إنها جولة قصيرة حول قضية الشرك والتوحيد. ولكنها جولة تطوّف بالقلب البشري في مجال الوجود كله، ظاهره وخافيه، حاضره وغيبه، سمائه وأرضه، دنياه وآخرته، وتقف به مواقف مرهوبة ترجف فيها الأوصال؛ ويغشاها الذهول من الجلال. كما تقف به أمام رزقه وكسبه، وحسابه وجزائه. وفي زحمة التجمع والاختلاط. وفي موقف الفصل والعزل والتميز والانفراد .. كل أولئك في إيقاعات قوية، وفواصل متلاحقة، وضربات كأنها المطارق: قُلِ .. قُلْ .. قُلْ .. كل

<<  <  ج: ص:  >  >>