وضعت الحرب أوزارها. فنرجع إلى أهلينا، وأولادنا فنقيم فيهما. فنزل فينا:
وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ. فكانت التهلكة في الإقامة في الأهل والمال، وترك الجهاد).
وقد لاحظنا أن هذه الاتجاهات الثلاثة الرئيسية في فهم هذا النص، سببها ملاحظة النص مجردا، أو السياق القريب، أو السياق العام. وهذا قد يكون أبرز مثال من خلال كلام أئمة التفسير لما حاولنا إبرازه سابقا من أن هذا القرآن معانيه لا تتناهى.
فمن خلال المعنى المجرد للنص، ومن خلال السياق القريب، والسياق العام، والوحدة القرآنية، ومن خلال عبارة النص، ومن خلال إشارة النص، تتولد معاني لا تتناهى.
وكل يأخذ من كتاب الله على قدر ما قسمه الله له وهذه المعاني كلها حق. فما أكثر جناية من كفر بهذا القرآن.
وهناك اتجاهان آخران في فهم قوله تعالى: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ:
اتجاه يفهم من خلال النص المجرد واتجاه من خلال السياق القريب.
الاتجاه الأول: تفسير الهلاك بالهلاك الأخروي. وذلك بالذنب، والاستمرار عليه. وهو تفسير النعمان بن بشير رضي الله عنه. قال: «إنها في الرجل يذنب الذنب فيعتقد أنه لا يغفر له. فيلقي بيده إلى التهلكة. أي يستكثر من الذنوب فيهلك».
وكذلك فسرها البراء قال: «ولكن التهلكة، أن يذنب الرجل الذنب. فيلقي بيده إلى التهلكة ولا يتوب».
والاتجاه الثاني: ذكره النسفي من جملة الأقوال في تفسير النهي في الآية. فقال:
والمعنى: النهي ... عن الإسراف في النفقة حتى يفقر نفسه، ويضيع عياله. وكأنه أخذه من السياق. وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ.
وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ، والإحسان فسره رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«أن تعبد الله كأنك تراه. فإن لم تكن تراه فإنه يراك». والإحسان فعل الحسن والأحسن. فالأمر بالإحسان هنا يقتضي أن ننفق، وأن نجاهد، وأن يكون ذلك بإتقان وإحسان مع الإخلاص لله والمراقبة.
[المعنى العام للآية]
أمر الله عزّ وجل المؤمنين في هذه الآية بالإنفاق في سبيل الله في سائر وجوه