قال الألوسي عن سورة الفيل:(مكية وآيها خمس بلا خلاف فيهما، وكأنه لما تضمن الهمز واللمز من الكفرة نوع كيد له- عليه الصلاة والسلام- عقب ذلك بقصة أصحاب الفيل، للإشارة إلى أن عقبى كيدهم في الدنيا تدميرهم، فإن عناية الله عزّ وجل برسوله- صلى الله تعالى عليه وسلم- أقوى وأتم من عنايته سبحانه بالبيت، فالسورة مشيرة إلى مآلهم في الدنيا إثر بيان مآلهم في الأخرى، ويجوز أن تكون كالاستدلال على ما أشير إليه فيما قبلها من أن المال لا يغني من الله تعالى شيئا، أو على قدرته عزّ وجل على إنفاذ ما توعد به أولئك الكفرة في قوله سبحانه لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ الخ).
[كلمة في سورة الفيل ومحورها]
تأتي سورة الفيل وكأنها امتداد لسورة الهمزة، إذ إنها تلفت النظر إلى حادثة مشهورة معروفة عذب الله بها قوما في الدنيا، وذلك يأتي كالدليل على قدرته أن يعذب الكافرين يوم القيامة، ومحور سورة الفيل هو محور سورة الهمزة نفسه وهو قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ* خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ. إنك لو وضعت بعد هاتين الآيتين قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ .. لوجدت المعنى منسجما، فالدليل على أن الله سيعذب الكافرين عذابا عظيما ما فعله بهؤلاء الكافرين الذين أرادوا أن يكيدوا لبيت الله، هذا عذابهم في الدنيا فكيف بعذابهم يوم القيامة.
ولنقدم للكلام عن سورة الفيل بذكر القصة كما ذكرها ابن كثير، ثم بنقل تعليق على الحادثة لصاحب الظلال:
[قصة أصحاب الفيل]
قال ابن كثير: (وهذه قصة أصحاب الفيل على وجه الإيجاز والاختصار والتقريب قد تقدم في قصة أصحاب الأخدود أن ذا نواس وكان آخر ملوك حمير وكان مشركا وهو الذي قتل أصحاب الأخدود وكانوا نصارى، وكانوا قريبا من عشرين ألفا فلم