والترغيب فيه وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فالملائكة يستغفرون لأهل الإيمان أي: لمن في مثل حالهم. قال النسفي: وفيه دليل على أن الاشتراك في الإيمان يجب أن يكون أدعى شئ إلى النصيحة والشفقة، وإن تباعدت الأجناس والأماكن رَبَّنا أي:
يقول الملائكة ربنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً أي: وسعت رحمتك كل شئ، ووسع علمك كل شئ، ولما كان الدعاء للمؤمنين فكأنهم أرادوا أن يقولوا: رحمتك تسع ذنوبهم وخطاياهم، وعلمك محيط بجميع أعمالهم وأقوالهم وحركاتهم وسكناتهم فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا أي: للذين علمت منهم التوبة، أو فاصفح عن المسيئين إذا تابوا وأنابوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ بأن أقلعوا عما كانوا فيه، واتّبعوا ما أمرتهم به من فعل الخيرات وترك المنكرات. أي: واتّبعوا طريق الهدى الذي دعوت إليه وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ أي: وزحزحهم عن عذاب الجحيم وهو العذاب الموجع الأليم
رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ أي: اجمع بينهم وبينهم لتقرّ بذلك أعينهم بالاجتماع في منازل متجاورة إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ أي: الذي لا يمانع ولا يغالب، وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن الْحَكِيمُ في أقوالك وأفعالك، من شرعك وقدرك
وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ أي: فعلها، أو وبالها ممّن وقعت منه. أو جزاءها وهو عذاب النار وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ أي: يوم القيامة فَقَدْ رَحِمْتَهُ أي: لطفت به ونجيته من العقوبة وَذلِكَ أي: رفع العذاب هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الذي لا فوز أعظم منه.
كلمة في السياق:[المجموعة الثانية وصلتها بمحور السورة]
رأينا في هذه المجموعة ما للمؤمنين من مقام عظيم، إذ يدعو لهم حملة العرش ومن حوله من الملائكة هذا الدعاء العظيم، وفي ذلك دعوة للناس أن يكونوا من أهل الإيمان والتقوى، وصلة ذلك بأحد محوري السورة واضحة ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ... أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. فالآيات دعوة لأن يكون الإنسان من هؤلاء لينال دعوات الملائكة، وهي تفصيل لهذه الآيات كذلك من حيث إنها فصّلت في قضية فلاحهم، وذكرت نموذجا على هذا الفلاح في الدنيا والآخرة، من إلحاق أزواجهم وذرياتهم بهم في