للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما نرجو من العلماء العاملين- سنة وشيعة- أن يتكلموا بما يؤلف القلوب، وبما يجمع على الحق، وأن يكتبوا جميعا بلغة التحقيق لا بلغة السب والشتم.

ثم تأتي الآن مجموعة رابعة تزيدنا بيانا عن المنافقين ومواقفهم وطريقهم التي عليهم أن يسلكوها- إن أرادوا التوبة- كما تحدد في المقابل صفات المؤمنين.

وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ أي حول بلدتكم أو داركم وهي المدينة عاصمة الإسلام الأولى مِنَ الْأَعْرابِ وهم جهينة وأسلم وأشجع وغفار. وكانوا نازلين حولها مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ منافقون كذلك مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ أي تمهروا فيه، مرنوا عليه واستمروا عليه لا تَعْلَمُهُمْ أي يخفون عليك مع فطنتك وصدق فراستك لفرط خبثهم واحتراسهم في تحامي ما يشكك في أمرهم نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ أي لا يعلمهم إلا الله ولا يطلع على سرهم غيره لأنهم يبطنون الكفر في سويداء قلوبهم ويبرزون لك ظاهرا كظاهر المخلصين من المؤمنين سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ هاتان المرتان قد يكون المراد بهما القتل وعذاب القبر، أو الفضيحة وعذاب القبر، أو أخذ الصدقات من أموالهم ونهك أبدانهم ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ أي عذاب النار بعد أن ذكر في هذه المجموعة المنافقين الخلص في سياق التخلف عن الجهاد،

سيذكر الآن نوعا من المتخلفين لم يكن تخلفهم عن نفاق وإنما هي المعصية مع الإيمان وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ أي وقوم آخرون سوى المذكورين من قبل لم يعتذروا من تخلفهم بالمعاذير الكاذبة كغيرهم ولكن اعترفوا على أنفسهم بأنهم بئس ما فعلوا وقد ندموا خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً أي خلطوا خروجا إلى الجهاد وتخلفا عنه، أو خلطوا التوبة والإثم عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ اعترافهم بالذنب توبة وختم الآية بما ختمت به تطميع لهم بقبولها،

وبعد أن ذكر حالهم وطمعهم بقبول التوبة أمر رسوله صلى الله عليه وسلم خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تكون كفارة لذنوبهم، ويمكن أن يكون المراد بالصدقة هنا الزكاة تُطَهِّرُهُمْ أي الصدقة عن الذنوب وَتُزَكِّيهِمْ بِها التزكية المبالغة في التطهير والزيادة فيه، ويمكن أن يراد بالتزكية هنا الإنماء والبركة في المال، ويمكن أن يكون المعنى تطهرهم من الإثم وتزكيهم بتحقيقهم بمكارم الأخلاق، وقد دلت الآية على فضيلة الصدقة إذ بها تمحى الخطايا ولو كانت تخلفا عن النفير وَصَلِّ عَلَيْهِمْ أي وادع لهم وترحم، ومن ثم كانت السنة أن يدعو جابي الصدقة لصاحب الصدقة إذا أخذها إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ أي سكينة وطمأنينة لقلوبهم وَاللَّهُ سَمِيعٌ لدعائك أو سميع لاعترافهم بذنوبهم ودعائهم عَلِيمٌ بما في

<<  <  ج: ص:  >  >>