للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه عليه السلام ذكر وعد الله للمؤمنين الجنة. فقالوا على سبيل الهزء: عجّل لنا نصيبنا منها أو نصيبنا من العذاب الذي وعدته كقوله: وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ* وهو كلام لا يستأهل ردّا ولذلك لم يجب الله عليه، وإنما أمر رسوله صلّى الله عليه وسلم بالصبر كما سنرى. وبهذا الذي ذكرناه انتهت المقدمة.

نقل: [عن صاحب الظلال حول آيتي ما سَمِعْنا بِهذا .. * أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ .. (٧، ٨)]

بمناسبة قوله تعالى حكاية عن موقف الكافرين من رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ* أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا قال صاحب الظلال:

(وكانت عقيدة التثليث قد شاعت في المسيحية. وأسطورة العزير قد شاعت كذلك في اليهودية فكبراء قريش كانوا يشيرون إلى هذا وهم يقولون: ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ ... ما سمعنا بهذا التوحيد المطلق لله. الذي جاء به محمد صلّى الله عليه وسلم فما يقول إذن إلا اختلاقا!

ولقد حرص الإسلام حرصا شديدا على تجريد عقيدة التوحيد وتخليصها من كل ما علق بها من الأساطير والأوشاب والانحرافات التي طرأت على العقائد التي سبقته.

حرص هذا الحرص لأن التوحيد حقيقة أولية كبيرة يقوم عليها هذا الوجود كله؛ ويشهد بها هذا الوجود شهادة واضحة أكيدة. ولأن هذا التوحيد في الوقت ذاته قاعدة لا تصلح الحياة البشرية كلها في أصولها وفروعها إلا إذا قامت عليها.

ويحسن ونحن نستعرض مقاومة قريش لهذه العقيدة ودهشتها وعجبها من جعل الآلهة إلها واحدا. ومقاومة المشركين قبل قريش على مدار القرون ومدار الرسالات لهذه الحقيقة كذلك. وإصرار كل رسول عليها، وقيام كل رسالة على أساسها. والجهد الضخم الذي بذل في إقرار هذه الحقيقة في نفوس البشر على مدار الزمان ... يحسن أن نتوسّع قليلا في بيان قيمة هذه الحقيقة.

إنها حقيقة أولية كبيرة يقوم عليها الوجود، ويشهد بها كل ما في الوجود.

إن وحدة النواميس الكونية التي تتحكم في هذا الكون الذي نراه واضحة؛ وناطقة بأن الإرادة التي أنشأت هذه النواميس لا بد أن تكون واحدة .. وحيثما نظرنا إلى هذا الكون واجهتنا هذه الحقيقة. حقيقة وحدة النواميس. وحدة تشي بوحدة الإرادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>