للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعبد الرحمن بن عوف وسعيد بن زيد وطلحة والزبير ... وقد يكون لهذا المعنى جعل الله الخلافة في قريش؛ لأن القرشي يمتلك من الخصائص ما يجعله أكثر الخلق استعدادا لحمل هذا الدين وفهمه والتفاعل معه، ولكن هذا شئ، والفخر والاستعلاء على الخلق واحتقارهم وازدراءهم شئ آخر.

والخلاصة: أن الكرامة عند الله بالتقوى، وعليها مدار التفاضل بين الأفراد والشعوب، وقد يصطفي الله تعالى فردا أو شعبا لحكمة مرتبطة بالتقوى، وذلك شرف لأصحابه، وعلى الآخرين أن يعترفوا به، دون أن يترتب على ذلك فخر دنيوي أو كبر قلبي، وهذا شئ وأن الشعوب والقبائل وجدت كذلك لتتعارف شئ آخر.

١٦ - [كلام ابن كثير والمؤلف عن تعريف الإيمان والإسلام]

بمناسبة قوله تعالى قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ قال ابن كثير: (وقد استفيد من هذه الآية الكريمة أن الإيمان أخص من الإسلام كما هو مذهب أهل السنة والجماعة، ويدل عليه حديث جبريل عليه الصلاة والسلام حين سأل عن الإسلام، ثم عن الإيمان، ثم عن الإحسان، فترقى من الأعم إلى الأخص، ثم للأخص منه. وروى الإمام أحمد عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه رضي الله عنهما قال أعطى رسول الله صلّى الله عليه وسلم رجالا ولم يعط رجلا منهم شيئا، فقال سعد رضي الله عنه: يا رسول الله أعطيت فلانا وفلانا ولم تعط فلانا شيئا وهو مؤمن فقال صلّى الله عليه وسلم: «أو مسلم». حتى أعادها سعد رضي الله عنه ثلاثا والنبي صلّى الله عليه وسلم يقول: «أو مسلم؟» ثم قال النبي صلّى الله عليه وسلم: «إني لأعطي رجالا وأدع من هو أحب إليّ منهم فلم أعطه شيئا مخافة أن يكبوا في النار على وجوههم» أخرجاه في الصحيحين من حديث الزهري به. فقد فرق النبي صلّى الله عليه وسلم بين المؤمن والمسلم، فدل على أن الإيمان أخص من الإسلام. ودل ذلك على أن ذاك الرجل كان مسلما ليس منافقا؛ لأنه تركه من العطاء ووكله إلى ما هو فيه من الإسلام، فدل هذا على أن هؤلاء الأعراب المذكورين في هذه الآية ليسوا بمنافقين، وإنما هم مسلمون لم يستحكم الإيمان في قلوبهم فادعوا لأنفسهم مقاما أعلى مما وصلوا إليه، فأدبوا في ذلك، وهذا معنى قول ابن عباس رضي الله عنهما وإبراهيم النخعي وقتادة واختاره ابن جرير).

وبمناسبة هذه الآية نقول: إن الإسلام الكامل هو الإيمان الكامل ولا فرق، لأن الإيمان الكامل يدخل فيه تصديق القلب وتصديق الجوارح بالعمل، والإسلام الكامل يدخل فيه إسلام القلب لله بالإيمان وإسلام الجوارح بالعمل، ومن ثم نلاحظ أن قوله

<<  <  ج: ص:  >  >>