٢ - ومجئ هذه الآية في سياق السورة التي تفصل في موضوع أخلاقيات المجاهدين معجزة مستقلة، يعرف ذلك كل ذي بصر بما جرى في القرون الأخيرة، حيث نمت فكرة القوميات، فبالغت فيها أقوام حتى قطعت أواصر الدين، وبالغت فيها أمم فأصبحت تنظر إلى غيرها من الشعوب باحتقار، وبالغت فيها أمم حتى قاتلت من سواها لتكون لها العزة والقتال في الإسلام ليس لمثل هذا، فإن تكون الإنسانية شعوبا فهذا لا ينبغي أن يؤدي إلى قتال، وإنما للقتال أسبابه الأخرى.
٣ - جاء محور سورة الحجرات مسبوقا بقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ ومسبوقا بقوله تعالى: كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وقد ظهرت آثار ذلك في سورة الحجرات، لأنّه كما قلنا: السورة تفصّل في محورها، وفي ارتباطاته، وامتدادات معانيه، ولذلك فقد قرّرت آية سورة الحجرات قاعدة إسلامية لا يكون المسلم مسلما إذا لم يسلّم بها، كما أكّدت وحدة الإنسانية في الأصل، وأعطتنا الميزان الوحيد الذي على أساسه يكون التفاضل عند الله إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ ولننتقل إلى الفقرة السابعة.
[الفقرة السابعة وتمتد من الآية (١٤) إلى نهاية الآية (١٨) أي: إلى نهاية السورة وهذه هي]