١ - رأينا من خلال عرض السورة صلة فقراتها ببعضها، وصلة معانيها ببعضها بعضا، ورأينا من خلال عرض السورة أنها أمرت بالتسبيح، وبينت أن الفلاح في تزكية النفس والصلاة وارتباط هذا كله بقوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ واضح المعالم؛ فالتزكية والصلاة مرتبطتان بالتقوى والعبادة.
٢ - بدأت السورة بالأمر بالتسبيح باسم الله الأعلى، وقد رأينا أثر هذا الأمر وما يترتب عليه في موضوع الإقراء والتيسير، وانبثاق التذكير كأثر عن ذلك، والفلاح المتمثل بالتزكية والصلاة، إنما هو أثر التذكير، ومجئ ذكر الفلاح وربطه بالتزكية والصلاة، إنما هو أثر التذكير، ومجئ ذكر الفلاح وربطه بالتزكية والصلاة في سياق الأمر بالتسبيح لا يخفى، فالتسبيح جزء من الصلاة، وهو طريق إلى تزكية النفس، فبقدر استقرار التنزيه في النفس البشرية تكون تزكيتها، وبقدر ما تسبح النفس يكون استقرار التنزيه، وصلة ذلك كله بمحور السورة واضحة.
٣ - وهاهنا نحب أن نسجل ملاحظة مستمدة من السياق، فلقد رأينا كيف أن الأمر بالعبادة الذي جاء بعد مقدمة سورة البقرة لتفصل فيه، ونلاحظ أن سورا كاملة تفصل في جانب من جوانب العبادة هو الصلاة، أو تفصل في جزء منها، فسورة الواقعة كانت حصيلتها الدعوة إلى قول (سبحان الله العظيم) الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجعله في ركوعنا، وسورة الأعلى كانت حصيلتها الدعوة إلى قول:(سبحان ربي الأعلى) الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجعلها في سجودنا. ورأينا سورا فصلت في المقدمة، ركزت في قضايا مرتبطة بالصلاة، ومن ثم ندرك كيف أن الصلاة هي المظهر الأعلى للعبادة.
[الفوائد]
١ - قدم ابن كثير لسورة الأعلى بالتدليل على أنها مكية، ثم نقل الأحاديث الواردة فيها قال: (والدليل على ذلك أي: على أنها مكية ما رواه البخاري عن البراء بن عازب قال: أول من قدم علينا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير، وابن أم مكتوم، فجعلا يقرئاننا القرآن، ثم جاء عمار وبلال وسعد، ثم جاء عمر بن الخطاب في