قدم ابن كثير لسورة الليل بقوله:(تقدم قوله عليه الصلاة والسلام لمعاذ «فهلا صليت بسبح اسم ربك الأعلى، والشمس وضحاها، والليل إذا يغشى».
وقال الألوسي في تقديمه لهذه السورة:
(ولما ذكر سبحانه فيما قبلها قَدْ أَفْلَحَ .. الخ، ذكر سبحانه فيها من الأوصاف ما يحصل به الفلاح وما يحصل به الخيبة، ففيها نوع تفصيل لذلك، لا سيما وقد عقب جل وعلا ذلك بشيء من أنواع الفلاح وأنواع الخيبة والعياذ بالله تعالى).
وقال صاحب الظلال:(في إطار من مشاهد الكون وطبيعة الإنسان تقرر السورة حقيقة العمل والجزاء. ولما كانت هذه الحقيقة منوعة المظاهر: إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى* فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى .. وكانت العاقبة كذلك في الآخرة مختلفة وفق العمل والوجهة: فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى* لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى* الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى* وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى* الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى ...
لما كانت مظاهر هذه الحقيقة ذات لونين، وذات اتجاهين .. كذلك كان الإطار المختار لها في مطلع السورة ذا لونين في الكون وفي النفس سواء: وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى * وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى .. وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى .. وهذا من بدائع التناسق في التعبير القرآني).
[كلمة في سورة الليل ومحورها]
تبدأ سورة الليل بقسم وَاللَّيْلِ وذلك كما رأينا علامة على أنها تفصل في مقدمة سورة البقرة أي: في شأن المتقين والكافرين في قضية التقوى والكفر، ومن ثم نجد فيها قوله تعالى: فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى ونجد فيها: وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ونجد فيها:
فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى* لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى مما يشير إلى ما ذكرناه.
والسورة تتصل بمجموعتها بكثير من الروابط، ففي سورة البلد: وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ وفي سورة الشمس: فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها ونجد في سورة الليل: