للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معانيه. نقول هذا بمناسبة أننا قلنا إن الكلام عن الله، وأدلة اليوم الآخر، قد جاء بين الأمر بالإنفاق قبله، والحض على الإنفاق بعده. لأن موضوع الإنفاق في سبيل الله مرتبط بالإيمان بالله، واليوم الآخر. فغير المؤمن بالله واليوم الآخر لا ينفق إلا إذا عاد عليه الإنفاق بمنفعة ما. أما المؤمن، فإنه ينفق لأن الله أمر. ولأن الله سيثيبه في الدنيا والآخرة على ما أنفق. إننا عند ما ننظر إلى الآيات الواردة بين آيات الإنفاق، نجد في كل آية على انفراد معاني في موضوعها، ذات دلالات زائدة على ما نفهم من محلها في السياق. وإن كانت تخدم غرضه فلنلاحظ هذا كله فيما يأتي. ولنلاحظ كيف تخدم الآية السياق القريب، والسياق العام.

اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ. لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ من كان هذا شأنه ألا ينفق الإنسان في سبيله، ومن كان هذا شأنه كيف لا يدخل الإنسان في دينه. إذا فهمنا هذه العبارة، أدركنا حكمة مجئ هذه الآية بين قوله تعالى: أَنْفِقُوا. وبين قوله تعالى بعدها: لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ وإذا أدركنا مجيئها في سياق الدخول في الإسلام كله فالذين لا يعرفون الله، هم الذين يظنون أنه لا دخل لله في شئون عباده، أو أن تشريعه ليس هو الأكمل. كيف وهو القيوم، المحيط علما.

[حديث وتعليق]

روى مسلم والإمام أحمد عن أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم: «أي آية في كتاب الله أعظم»؟. قال: الله ورسوله أعلم. فرددها مرارا، ثم قال: آية الكرسي. قال صلى الله عليه وسلم: «ليهنك العلم أبا المنذر». وعند أحمد زيادة: «والذي نفسي بيده، إن لها لسانا وشفتين، تقدس الملك عند ساق العرش».

وإنما كانت أعظم آية في كتاب الله لاشتمالها على توحيد الله وتعظيمه، وتمجيده، وصفاته العظمى، بما لم يجتمع في آية أخرى. ولا مذكور أعظم من رب العزة. فما كان ذكرا له، كان أفضل من سائر الأذكار. ومن ثم نعلم أن أشرف العلوم، علم التوحيد. وهذه الآية مشتملة على عشر جمل مستقلة، فيها خمسة معان رئيسية. وإنما

<<  <  ج: ص:  >  >>