وسنرى أثناء عرضنا للسورة صلاتها بمحورها. ولننقل هاهنا بعض ما قالوه فيها:
[قال الألوسي في تقديمه لهذه السورة]
(وهي مكية وأطلق الجمهور ذلك، وفي التحرير عن ابن عباس وقتادة أنها مكية إلا قوله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ الآية فهي مدنية نزلت في اليهود، وآيها خمس وأربعون بالإجماع، ولما أشار سبحانه في آخر السورة السابقة إلى أن إيمان أولئك الأعراب لم يكن إيمانا حقا، ويتضمن ذلك إنكار النبوة وإنكار البعث؛ افتتح عزّ وجل هذه السورة بما يتعلق بذلك، وكان صلّى الله عليه وسلم كثيرا ما يقرؤها في صلاة الفجر كما في حديث مسلم وغيره عن جابر بن سمرة؛ وفي رواية ابن ماجه وغيره عن قطبة بن مالك أنه عليه الصلاة والسلام كان يقرؤها في الركعة الأولى من صلاة الفجر. وأخرج أحمد، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، والترمذي، والنسائي عن أبي واقد الليثي أنه صلّى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيد بقاف واقتربت، وأخرج أبو داود، والبيهقي، وابن ماجه، وابن أبي شيبة عن أم هشام ابنة حارثة قالت:«ما أخذت ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ إلا من فيّ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، كان يقرأ بها في كل جمعة على المنبر إذا خطب الناس» وفي حديث ابن مردويه عن أبي العلاء رضي الله تعالى عنه مرفوعا «تعلموا ق والقرآن المجيد» وكل ذلك يدل على أنها من أعظم السور).
[وقال صاحب الظلال في تقديمه لسورة (قاف)]
(كان رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- يخطب بهذه السورة في العيد والجمعة- فيجعلها هي موضوع خطبته ومادتها- وفي الجماعات الحافلة .. وإن لها لشأنا .. إنها سورة .. ، شديدة الوقع بحقائقها، شديدة الإيقاع ببنائها التعبيري، وصورها وظلالها وجرس فواصلها. تأخذ على النفس أقطارها، وتلاحقها في خطراتها وحركاتها، وتتعقبها في سرها وجهرها، وفي باطنها وظاهرها. تتعقبها برقابة الله، التي لا تدعها لحظة واحدة من المولد، إلى الممات، إلى البعث، إلى الحشر، إلى الحساب. وهي رقابة شديدة دقيقة رهيبة. تطبق على هذا المخلوق الإنساني الضعيف إطباقا كاملا شاملا. فهو في القبضة التي لا تغفل عنه أبدا، ولا تغفل من أمره دقيقا ولا جليلا، ولا تفارقه كثيرا ولا قليلا. كل نفس معدود.
وكل هاجسة معلومة. وكل لفظ مكتوب. وكل حركة محسوبة. والرقابة الكاملة