للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - [فائدة بمناسبة آية وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا .. ]

قال قتادة عند قوله تعالى وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً: إن المسلمين لما قالوا: لا إله إلا الله، أنكر ذلك المشركون، وكبرت عليهم فضاقها إبليس وجنوده (أي أحاط بها وأحدق أي طوقها لينقض عليها ويمنعها من الانتصار) فأبى الله إلا أن يمضيها ويعليها وينصرها ويفلجها على من ناوأها، إنها كلمة من خاصم بها فلج، ومن قاتل بها نصر، إنما يعرفها أهل هذه الجزيرة من المسلمين، التي يقطعها؟؟؟ الراكب في ليال قلائل، ويسير الدهر في فئام من الناس لا يعرفونها ولا يقرون بها) أقول: إن «لا إله إلا الله» الآن منتشرة في الأرض طولا وعرضا، رغم كل ما تكاد به.

٥ - [نموذج على طريقة استماع الكافرين للقرآن والتي يسبقها موقف معاد]

كنموذج لطريقة استماع الكافرين للقرآن والتي يسبقها موقف مسبق معاد يذكر ابن كثير عند قوله تعالى نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً.

يذكر ابن كثير هذه الحادثة: قال محمد بن إسحاق في السيرة: حدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، أنه حدث أن أبا سفيان بن حرب، وأبا جهل بن هشام، والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي، حليف بني زهرة، خرجوا ليلة ليستمعوا من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو يصلي بالليل في بيته، فأخذ كل واحد منهم مجلسا يستمع فيه، وكل لا يعلم بمكان صاحبه، فباتوا يستمعون له، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا، حتى إذا جمعتهم الطريق، تلاوموا، وقال بعضهم لبعض: لا تعودوا؛ فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئا، ثم انصرفوا، حتى إذا كانت الليلة الثانية، عاد كل رجل منهم إلى مجلسه، فباتوا يستمعون له، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا وجمعتهم الطريق. فقال بعضهم لبعض مثل ما قال أول مرة، ثم انصرفوا، حتى إذا كانت الليلة الثالثة، أخذ كل رجل منهم مجلسه، فباتوا يستمعون له، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا. فجمعهم الطريق. فقال بعضهم لبعض: لا نبرح حتى نتعاهد ولا نعود، فتعاهدوا على ذلك. ثم تفرقوا. فلما أصبح الأخنس بن شريق، أخذ عصاه، ثم خرج حتى أتى أبا سفيان بن حرب في بيته، فقال: أخبرني يا أبا حنظلة عن رأيك فيما سمعت من محمد؟ قال: يا أبا ثعلبة، والله لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد بها، وسمعت أشياء ما عرفت معناها ولا ما يراد بها. قال الأخنس: وأنا والذي حلفت به. قال ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل، فدخل عليه بيته، فقال: يا أبا

<<  <  ج: ص:  >  >>