من العلم، الذي فضلت به على الناس، وهو علم جني المال وتثميره، أو المعنى: إنما أعطاني الله هذا المال لعلمه بأني أستحقه، ولمحبته لي فتقديره: إنما أعطيته لعلم الله
في أني أهل له، قال الله عزّ وجل ردا عليه ما ادعاه من اعتناء الله به، فيما أعطاه من المال أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً أي من هو أقوى منه وأغنى، أي قد كان من هو أكثر من ذلك لا عن محبة منا لهم، وقد أهلكناهم بكفرهم، وعدم شكرهم وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ أي لعلمه تعالى بهم، بل يدخلون النار بغير حساب ويقذفون بها بغير سؤال، أو يعرفون بسيماهم فلا يسألون، أو لا يسألون لتعلم ذنوبهم من جهتهم، بل يسألون سؤال توبيخ أو لا يسأل عن ذنوب الماضين المجرمون من هذه الأمة
فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ الكاملة قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا ممن لا فقه عندهم يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ تمنوا ذلك على سبيل الرغبة في اليسار كعادة البشر. قالوا ذلك غبطة. والغابط هو الذي يتمنى مثل نعمة صاحبه من غير أن تزول عنه، كهذه الآية والحاسد هو الذي يتمنى أن تكون نعمة صاحبه له دونه وهو كقوله تعالى: وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ.
إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ أي جد وبخت عَظِيمٍ أي وافر من الدنيا. فلما سمع مقالتهم أهل العلم النافع زجروهم
وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ بالثواب والعقاب وفناء الدنيا وبقاء العقبى قالوا لغابطي قارون وَيْلَكُمْ هذه كلمة تستعمل في الأصل للدعاء بالهلاك ثم استعملت في الزجر والردع والبعث على ترك ما لا يرضى ثَوابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً قال ابن كثير: أي جزاء الله لعباده المؤمنين الصالحين في الدار الآخرة خير مما ترون. كما في الحديث الصحيح «يقول الله تعالى أعددت لعبادي الصالحين. ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب، واقرءوا إن شئتم: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ وَلا يُلَقَّاها إِلَّا الصَّابِرُونَ قال السدي:
ولا يلقى الجنة إلا الصابرون وكأنه جعل ذلك من تمام كلام الذين أوتوا العلم، قال ابن جرير: ولا يلقى هذه الكلمة إلا الصابرون عن محبة الدنيا الراغبون في الدار الآخرة وكأنه جعل ذلك مقطوعا من كلام أولئك وجعله من كلام الله عزّ وجل وإخباره بذلك.
والصابرون هم الذين صبروا على الطاعات وعن الشهوات وزينة الدنيا وعلى ما قسم الله من القليل عن الكثير
فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ عقوبة له على بغيه فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ أي جماعة يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أي يمنعونه من عذاب الله وَما