للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلام أهل الكتاب الذين أعطونا تصورا أن الرسل الثلاثة هم رسل عيسى عليه السلام، أو من تلاميذه حتى إن بعضهم سماهم فقال هم شمعون، ويوحنا، والثالث بولس.

وهذا كلام بعيد عن التحقيق، فالله عزّ وجل أعلم أين وقعت الحادثة فإن رسل الله عزّ وجل كثيرون، ولم تخل أمة من رسول، وفي هذا العالم بلاد كثيرة عذّبت لم يشر القرآن إليها بأعيانها، ولكن آثار عذابها لا زالت باقية شاهدة، والقاعدة العامة هي أن كل مدينة عذبت لم تعذب إلا بعد إقامة الحجة عليها. قال تعالى: وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلَّا وَأَهْلُها ظالِمُونَ [القصص: ٥٩].

فهذه بيروت يقال إنها بيروت السابعة بمعنى أن الله عزّ وجل زلزل بها ست مرات، وفي كل مرة يعاد بناؤها، وهذه (بومبي) في إيطاليا التي أهلكها الله عزّ وجل ببركان فيزوف المجاور، وهي الآن عجب من العجب فعلى بابها كما حدثني من شاهد ذلك تمثال لرجل يضع الذّكر في كفة ميزان، وفي الكفة الأخرى يوجد الذهب، مما يدل على أن رمز المدينة القديم: الشهوة، والمال، وقد يرمز التمثال إلى شئ آخر، وقد خلّف لنا البركان هياكل بشرية متحجّرة تدل على الحال الذي نزل عليها العذاب، فهناك جسد رجل متحجّر وهو يجامع امرأة وغير ذلك من مناظر الاعتبار. أقول هذا ليعلم أن المدن التي نزل بها العذاب كثيرة. ففي سوريا مثلا تجد أفاميا، وتجد كثيرا من البلدان المندثرة تكشف عنها الحفريات، وكلها مظنة عذاب، فإن نحمل قصة المرسلين الثلاثة على أن المراد بها بلد بعينها من دون دليل بل الدليل على خلاف ذلك، فإن هذا تسرّع لا ينبغي أن نتعامل به مع كتاب الله عزّ وجل.

٥ - [عروة بن مسعود الثقفي يشبه حاله حال مؤمن (يس)]

نادرا ما تجد خيرا أو قدوة عليا في أمة من الأمم إلا وتجد في أمتنا مثله، فهذا عروة بن مسعود الثقفي الذي نقلنا قصته من قبل يشبه حاله حال مؤمن يس.

٦ - [دروس من قصة مؤمن يس حول القتل في سبيل الله]

من قصة مؤمن يس ندرك ضلال من يظن أن القتل في سبيل الله علامة على خطأ السير أو علامة على تهوّر صاحبه، إن القتل في سبيل الله له مردوده الكبير في العمل

الإسلامي، إن في نفسية الظالمين أو في نفسية المؤمنين في الدنيا والآخرة على الشهيد وعلى المسلمين بل على العالم كله.

...

ولننتقل إلى المجموعة الأولى من المقطع الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>