تفرقة بين الحق والباطل، والهدى والضلال والغي والرشاد والحلال والحرام. وهي في حقهم نور لما يحصل من تطبيقها من نور في القلوب، وهداية، وهي في حقهم ذكر لما تحدثه في القلوب من خوف وإنابة وخشية، وإذا كانت التوراة كذلك فمن باب أولى هذا القرآن
وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أي كثير الخير غزير النفع أَنْزَلْناهُ على محمد صلى الله عليه وسلم أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ أي جاحدون مع أن فيه خصائص التوراة وزيادة، أفتنكرونه وهو في غاية الجلاء والظهور على أنه من عند الله.
[كلمة في السياق]
١ - تأتي هذه الآيات لتقرر أن موسى وهارون عليهما السلام وهما بشران لم يكونا خالدين، قد أنزل الله عليهما التوراة، فاستغراب الناس أن ينزل الله القرآن على بشر هو محمد صلى الله عليه وسلم في غير محله، وهذه أول خدمة تخدمها هذه المجموعة لسياق السورة.
٢ - تحدثت السورة عن موقف الكافرين من الوحي، وهو الإعراض والغفلة والرفض والتشويه، وتأتي هذه المجموعة لتقرر من من الناس يستفيدون من الوحي، ثم تبين أن هؤلاء هم الذين يكون الوحي في حقهم فرقانا وضياء وذكرا.
٣ - وبعد أن ذكرت الآيتان الأوليان في المجموعة التوراة عقبت بذكر القرآن ووصفه بأنه ذكر مبارك، وأنكرت على من ينكره ووبخته، لأن إنكاره في غير محله.
٤ - هذه المجموعة إذن دليل جديد، وحجة جديدة على صدق الرسالة وصحة الوحي، ونقض جديد لأقوال الكافرين، ومن هذا يظهر لك انسجامها مع سياق السورة الخاص.
٥ - رأينا أن محور السورة هو قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ* خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ ... وهاتان الآيتان في حيز قوله تعالى في سورة البقرة الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ... وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ .. وقد أشارت المجموعة- على قصرها- إلى هذا كله، وأنكرت على الكافرين الذين ينكرون هذا القرآن ولا يؤمنون به.
٦ - بعد أن حدثتنا المجموعة السادسة عن موسى وهارون عليهما السلام، وعن التوراة والقرآن، وعن المهتدين والمنكرين- أي عن المتقين والكافرين- تأتي المجموعة