أصدق الشاهدين وأعدلهم، وهو أصدق القائلين، بأنه المنفرد بالإلهية لجميع الخلائق، وأن الجميع عبيده وخلقه، وأنهم فقراء إليه، وهو الغني عما سواه، ثم قرن شهادة ملائكته وأولي العلم بشهادته- سبحانه- وهذه خصوصية عظيمة لأولي العلم في هذا المقام، أنهم يشهدون قيامه- تعالى- بالعدل في جميع الأحوال، ثم يؤكد- مرة أخرى- وحدانيته، واصفا ذاته بأنه العزيز الذي لا يرام جنابه، عظمة وكبرياء، الحكيم في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره. ويلاحظ تكرار صفة العزة والحكمة في هذا المقطع أكثر من مرة، فإذا ربطنا هذا بموضوع المقطع علمنا أنه لم ينزل ما أنزل- سبحانه- عن ذلة بل عن عزة وحكمة.
[المعنى الحرفي للفقرة الاولى]
الم* اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ: القيوم: هو القائم بذاته فلا يحتاج إلى موجد، ولا إلى محل، ولا إلى ذات أخرى، والقيوم هو الذي يفتقر إليه غيره حتى يقوم. والمعنى: أنه لا معبود بحق في الوجود إلا هو، المتصف بالحياة التي ليس كمثلها شئ، المتصف بالقيومية، فهو قائم بنفسه، وغيره قائم به مفتقر إليه.
فائدة: ورد- في الحديث- أن اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ والم* اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ. أقول: سنرى نصوصا أخرى وآثارا تتحدث عن اسم الله الأعظم فتذكر غير ما ذكر هنا، وتكلم العلماء في ذلك محاولين الجمع بين النصوص، أو التحقيق، أو الربط بين حال الداعي وهو يدعو باسم بعينه، والذي ينشرح له صدري أن اسم الله الأعظم مركب من مجموع الأسماء التي وردت فيها نصوص
نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ أي هو نزل القرآن على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم حقا ثابتا لا شك فيه، ولا ريب ولا شبهة، مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ: أي مصدقا لما قبله من الكتب المنزلة. وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ: أي وأنزل التوراة على موسى، والإنجيل على عيسى من قبل القرآن هداية للناس- والناس هنا إما قوم موسى وقوم عيسى عليهما السلام، وإما كل الناس من حيث إن ما يقوي الحق، ويؤيده، ويصدقه، ويدل عليه، ليس خاصا بالمكلفين به، بل هو لكل مستفيد منه- وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ: الفرقان هو الفارق بين الحق والباطل، والهدى والضلال، والغي والرشاد، وهل المراد به كل وحي أنزله الله؟ أو