إذ الإسلام يجب ما قبله. أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. هل المراد بالناس هنا المؤمنون فقط أو المؤمنون والكافرون؟! إذ يلعن الكافرون بعضهم بعضا يوم القيامة كما قال تعالى: كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها. (سورة الأعراف) قولان للمفسرين. قال أبو العالية وقتادة:(إن الكافر يوقف يوم القيامة، فيلعنه الله ثم تلعنه الملائكة، ثم يلعنه الناس أجمعون).
خالِدِينَ فِيها أي في اللعنة، أو في النار وأضمرت تفخيما لشأنها وتهويلا. لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ.
أي: لا ينقص عما هم فيه. وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ من الإنظار، أي لا يمهلون. أو من الانتظار، بمعنى أنهم لا ينظرون ليعتذروا. أو من النظر، بمعنى أن الله لا ينظر إليهم نظر رحمة.
[فائدة]
قال ابن كثير: لا خلاف في جواز لعن الكفار. وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومن بعده من الأئمة يلعنون الكفرة في القنوت وغيره. فأما الكافر المعين فقد ذهب جماعة من العلماء إلى أنه لا يلعن. لأنا لا ندري بما يختم الله له. واستدل بعضهم بالآية: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. وقالت طائفة أخرى: بل يجوز لعن الكافر المعين، واختاره الفقيه أبو بكر بن العربي المالكي، ولكنه احتج بحديث فيه ضعف. واستدل غيره بقوله عليه الصلاة والسلام في قصة الذي كان يؤتى به سكران فيحده. فقال رجل: لعنه الله، ما أكثر ما يؤتى به. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله».
فدل على أن من لا يحب الله ورسوله يلعن).
[كلمة في السياق]
١ - مجئ قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ... بعد الكلام عن الصفا والمروة، الذي هو استمرار للكلام عن البيت الذي وقف من التوجه إليه أهل الكتاب تلك الوقفة، يشعر بأن أهل الكتاب على علم بتفصيلات كثيرة في شأن هذه الأمة، ولكنهم يكتمونها. ومجئ هذه الآية في سياق قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ ... وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ ... يشعر بأنه لا ينجو من آفة الكتمان. إلا من استعان بالصبر والصلاة. ووطن نفسه على كل امتحان.