الحمد لله ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما، وملء ما شئت- يا رب- من شيء بعد. والصلاة والسلام على حبيبنا محمد وآله وأصحابه والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد ...
إنني وأنا أكتب هذه الكلمات تقديما لهذا التفسير الجليل، أزداد إيمانا على إيمان، وثقة على ثقة، بقول الصادق المصدوق- صلى الله عليه وسلم- لابن عباس- رضي الله عنه-: « ... واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك ... ». ذلك لأنني منذ أسست (دار السلام) عام ١٣٩٣ هـ وأنا أطمع وأطمح ... أطمع- من قرارة نفسي- في أن أقدم عملا قيما، أخدم به كتاب الله- تبارك وتعالى- وأنفع به أمتي التي أنتمي إليها ... وأطمح- في نفس الوقت- إلى أن يكون هذا العمل جديدا كل الجدة، لم يسبقني أحد إليه؛ فإني أكره منافسة الناس في أرزاقهم فأحب أن أنشر ما لم أسبق إليه.
وفي عام ١٣٩٨ هـ أرسل إلي المؤلف الكريم هذا المصنف التفسيري الضخم الذي بين أيديكم.
وأحسست- ساعتها- أن العمل أكبر من إمكانياتي، إلا أنني استعنت بالله وهو خير معين، وأعددت العدة النفسية لهذا العمل الذي كنت أطمح لمثله.
وبعد بضعة أشهر حضر إلي ناشر كريم من بيروت، أقدر مني في هذا المجال وأطول باعا. حضر إلي وهو يحمل رغبة الشيخ المؤلف- أعزه الله- في أن يشار كني جهدي في هذا العمل، رغبة من فضيلته في أن يخرج هذا الكتاب مخدوما خدمة تامة تليق بمقام كتاب الله تعالى. فتنازلت عن حقي كاملا للأخ الناشر متمنيا له- من كل قلبي- التوفيق والسداد.
ودارت الأيام دورتها، وقدر الله أن يحدث ببيروت ما حدث، بحيث أصبح متعذرا على الأخ الناشر إتمام هذا العمل بعد أن قطع شوطا كبيرا في تنضيد حرفه. فاعتذر الأخ الناشر عن إتمام العمل لظروف خارجة عن إرادته- ومرة أخرى- أدبا ولطفا من فضيلة الشيخ المؤلف- يرسل إلي مستشيرا، ماذا يفعل؟ وكأنه يرشحني من جديد لهذا العمل. وشاءت أقدار الله أن يصيبني هذا الخير بعد أن أخطأني في المرة الأولى، وعاد إلي هذا التفسير لكي أقوم بطبعه، ويكون أول عمل لي في مجال خدمة كتاب الله العزيز، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد.
ولعل من حكمة الله العزيز في هذا العمل أن أخطأني في المرة الأولى؛ لأنني لم أكن على مستوى