البسر، يظن أن ذلك جائز. فأنزل الله: وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ.
٢ - فهم بعضهم قوله تعالى: أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ: أن المراد به الأمر بالإنفاق من الكسب الحلال. ولا شك أن الإنفاق من الحلال نحن مطالبون به شرعا. ولكن الآية معناها، ما ذكرناه بدليل سبب النزول. ولذلك قال عبد الله بن مغفل في هذه الآية وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ ... :(كسب المسلم لا يكون خبيثا.
ولكن لا يتصدق بالحشف، والدرهم الزيف، وما لا خير فيه).
وبهذه المناسبة ننقل حديثا، وفتوى، حول الإنفاق من الحرام.
أما الحديث فما رواه الإمام أحمد عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله قسم بينكم أخلاقكم، كما قسم بينكم أرزاقكم. وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب. ولا يعطي الدين إلا لمن أحب. فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه.
والذي نفسي بيده، لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه. ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه. قالوا: وما بوائقه يا نبي الله؟. قال: غشه، وظلمه، ولا يكسب عبد مالا من حرام، فينفق منه، فيبارك له فيه. ولا يتصدق به، فيقبل منه، ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار. إن الله لا يمحو السيئ بالسيئ، ولكن يمحو السيئ بالحسن. إن الخبيث لا يمحو الخبيث».
وأما الفتوى: يقول فقهاء الحنفية: من تصدق بدرهم حرام ينوي به القربة لله، يكفر. وإذا علم به الفقير، فدعا له، يكفر. ومن أمن على دعائهما يكفر. فمن كان عنده مال حرام فلينفقه بنية التخلص منه لا بنية الصدقة.
الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ: في الإنفاق. أي: يقول لكم: إن عاقبة إنفاقكم، أن تفتقروا. والوعد يستعمل للخير، وللشر. وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ أي: يغريكم على البخل، ومنع الصدقات، إغراء الآمر بالمأمور. وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا أي: والله يعدكم مغفرة لذنوبكم، وكفارة لها. وأن يخلف عليكم أفضل مما أنفقتم في الدنيا والآخرة. وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ: يوسع على من يشاء، عليم بالأفعال، والنيات.