وَشُرَكاءَكُمْ أي فاعزموا أمركم مع شركائكم على أمر تفعلونه بي ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً أي مستورا، أظهروه وجاهروني به ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ أي امضوا فيما أردتموه وَلا تُنْظِرُونِ أي تمهلون فإني لست مباليا بكم، أي مهما قدرتم فافعلوا فإني لا أباليكم، ولا أخاف منكم لأنكم لستم على شئ
فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ أي كذبتم وأدبرتم عن تذكيري، وعن تقوى الله وطاعتي فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ أي ثواب أي لم أطلب منكم على نصحي إياكم شيئا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ أي ما ثوابي إلا على ربي وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أي وأنا متمثل ما أمرت به من الإسلام لله عزّ وجل، الذي هو دين الأنبياء جميعا من أولهم إلى آخرهم، وإن تنوعت شرائعهم وتعددت مناهلهم
فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ أي على دينه فِي الْفُلْكِ أي السفينة وَجَعَلْناهُمْ هو ومن معه خَلائِفَ أي في الأرض وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا بالطوفان فَانْظُرْ أي يا محمد، وكذلك أيها المخاطب كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ أي كيف كانت نهايتهم من الإهلاك، فكذلك نفعل بمن كذب الرسل وأنتم منهم، ومن خلال السياق ندرك حكمة مجئ هذه القصة. محمد صلى الله عليه وسلم أرسل مأمورا أن ينذر الناس، وقد أنذر، فكان موقف الناس العجب أن يرسل الله رسولا. فهذه القصة تبين أن أمر الإنذار جد، وأن عاقبة المنذرين- إذا لم يؤمنوا- رهيبة في الدنيا فضلا عن الآخرة-، وأن عجب الكافرين في غير محله، لأن الله من سنته العصور أن يرسل رسلا.
[كلمة في القصة القرآنية]
نلاحظ هنا أنه جاءت قصة نوح عليه السلام، ثم قصة موسى عليه السلام وفرعون، ومن قبل هذه في سورة الأعراف ذكرت قصة نوح، وقصة موسى مع فرعون، وستتكرر قصة موسى وفرعون، وقصة نوح أكثر من مرة في القرآن، مرة بشكل مطول، ومرة بشكل مختصر فلم تتكرر القصة الواحدة؟ أذكر هاهنا شيئين:
الأول: إن كل مكان ترد فيه فإنها تخدم سياق السورة التي وردت فيها موضوعها ومحلها في الترتيب القرآني. وقد لاحظنا هنا أن قصة نوح خدمت السياق العام لسورة يونس، وهو نفي العجب، وجدية الإنذار كجزء من معالجة الشك في القرآن، بينما قصة نوح في سورة الأعراف خدمت سياق سورة الأعراف في قضية إنزال الهدى وموقف الناس منه وعاقبة ذلك. وهكذا في كل مكان، فإن القصص تخدم سياق السورة وموضوعها العام