فائدة: هناك خلاف حول الكاف في قوله تعالى كَما أَخْرَجَكَ ونقدم بين يدي المعني العام نقلين عن الألوسي في هذه الكاف كمقدمة للدخول إلى معاني المقطع.
قال الألوسي:(والكاف يستدعي مشبها وهو غير مصرح به في الآية وفيه خفاء، ومن هنا اختلفوا في بيانه، وكذا في إعرابه على وجوه، فاختار بعضهم أنه خبر مبتدأ محذوف هو المشبه، أي حالهم هذه في كراهة ما وقع في أمر الأنفال كحال إخراجك من بيتك في كراهتهم له، وإلى هذا يشير كلام الفراء حيث قال: الكاف شبهت هذه القصة التي هي إخراجه صلى الله عليه وسلم من بيته بالقصة المتقدمة التي هي سؤالهم عن الأنفال وكراهتهم لما وقع فيها مع أنه أولى بحالهم، أو أنه صفة مصدر الفعل المقدر في «لله والرسول» أي الأنفال ثبتت لله تعالى وللرسول عليه الصلاة والسلام مع كراهتهم ثباتا كثبات إخراجك وضعف هذا ابن الشجري».
«وقال أبو حيان: خطر لي في المنام أن هنا محذوفا وهو نصرك، والكاف فيها معنى التعليل أي لأجل أن خرجت لإعزاز دين الله تعالى نصرك وأمدك بالملائكة، ودل على هذا المحذوف قوله سبحانه بعد: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ الآيات ولو قيل: إن هذا مرتبط بقوله سبحانه رِزْقٌ كَرِيمٌ على معنى رزق حسن كحسن إخراجك من بيتك لم يكن بأبعد من كثير من هذه الوجوه).
[المعنى العام]
يذكر الله عزّ وجل في هذا المقطع نموذجا لكيفية كون القتال فيه الخير للمسلمين، وإن كانت الأنفس في الأصل تكره القتال، هذا النموذج هو ما حدث يوم بدر؛ إذ كره بعض المسلمين الخروج لقتال الأعداء أصحاب الشوكة وهم النفير الذين خرجوا لنصرة الكفر وإحراز عيرهم، فكان أن قدر الله القتال، وجمع به بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد، فكان عاقبة ذلك رشدا وهدى، ونصرا وفتحا، وآثارا قريبة لصالح الإسلام والمسلمين، وآثارا بعيدة فيها صالح الإسلام والمسلمين، وذلك أن المسلمين بعد بدر كانت بدر هي قدوتهم، وهي التي تجرّئهم على القتال، وإن قل العدد وقلت العدد.