للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طس ثم القصص، وأيضا قد ذكر سبحانه في السورة السابقة من توبيخ الكفرة بالسؤال يوم القيامة ما ذكر، وذكر جل شأنه في هذه من ذلك ما هو أبسط وأكثر مما تقدم، وأيضا ذكر عزّ وجل من أمر الليل والنهار هنا فوق ما ذكره سبحانه منه هناك، وقد يقال في وجه المناسبة أيضا: إنه تعالى فصل في تلك السورة أحوال بعض المهلكين من قوم صالح، وقوم لوط، وأجمل هنا في قوله تعالى: وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ الآيات، وأيضا بسط في الجملة هناك حال من جاء بالحسنة، وحال من جاء بالسيئة، وأوجز سبحانه هنا حيث قال تعالى: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ فلم يذكر عزّ وجل من حال الأولين أمنهم من الفزع، ومن حال الآخرين كب وجوههم في النار، إلى غير ذلك مما يظهر للمتأمل.

[وقال صاحب الظلال في تقديمه لهذه السورة]

(هذه السورة مكية، نزلت والمسلمون في مكة قلة مستضعفة، والمشركون هم أصحاب الحول والطول والجاه والسلطان. نزلت تضع الموازين الحقيقية للقوى والقيم، نزلت تقرر أن هناك قوة واحدة في هذا الوجود، هي قوة الله؛ وأن هناك قيمة واحدة في هذا الكون، هي قيمة الإيمان. فمن كانت قوة الله معه فلا خوف عليه ولو كان مجردا من كل مظاهر القوة، ومن كانت قوة الله عليه فلا أمن له ولا طمأنينة، ولو ساندته جميع القوى؛ ومن كانت له قيمة الإيمان فله الخير كله، ومن فقد هذه القيمة فليس بنافعه شئ أصلا.

[كلمة في سورة القصص ومحورها]

قلنا: إن محور الطاسينات الثلاث هو قوله تعالى: تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ فلنلاحظ الآن بعض ما ورد في سورة القصص مما يؤيد ما قلناه.

تبدأ السورة بقوله تعالى: طسم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ* نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ التشابه بين بداية السورة وآية المحور: تِلْكَ آياتُ اللَّهِ يقابلها في السورة تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ يقابلها نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ فلنلاحظ التشابه الكامل بين

<<  <  ج: ص:  >  >>