إِسْرائِيلَ أي يبين لهم أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ وذلك دليل على أنه من عند الله
وَإِنَّهُ أي وإن القرآن لَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ فهو هدى لقلوبهم وذواتهم، وهو رحمة لهم إن أقاموه في الدنيا والآخرة
إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ أي يفصل بين من آمن بالقرآن، ومن كفر به بِحُكْمِهِ أي بقضائه العادل وَهُوَ الْعَزِيزُ فلا يرد قضاؤه الْعَلِيمُ بمن يقضي عليه، أو العزيز في انتقامه من المبطلين، العليم بالفصل بينهم وبين المحقين. وبهذا انتهت المجموعة الثانية.
[نقل]
بمناسبة قوله تعالى: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ قال صاحب الظلال: ولقد اختلف النصارى في المسيح- عليه السلام- وفي أمه مريم.
قالت جماعة: إن المسيح إنسان محض، وقالت جماعة: إن الأب والابن وروح القدس إن هي إلا صور مختلفة أعلن الله بها نفسه للناس. فالله- بزعمهم- مركب من أقانيم ثلاثة، الأب والابن وروح القدس (والابن هو عيسى) فانحدر الله الذي هو الأب في صورة روح القدس، وتجسد في مريم إنسانا، وولد منها في صورة يسوع! وجماعة قالت: إن الابن ليس أزليا كالأب بل هو مخلوق من قبل العالم، ولذلك هو دون الأب وخاضع له! وجماعة أنكروا كون روح القدس أقنوما! وقرر مجمع نيقية سنة ٣٢٥ ميلادية، ومجمع القسطنطينية سنة ٣٨١ بأن الابن وروح القدس مساويان للأب في وحدة اللاهوت، وأن الابن قد ولد منذ الأزل من الأب، وأن الروح القدس منبثق من الأب. وقرر مجمع طليطلة سنة ٥٨٩ بأن روح القدس منبثق من الابن أيضا.
فاختلفت الكنيسة الشرقية والكنيسة الغربية عند هذه النقطة، وظلتا مختلفتين .. فجاء القرآن الكريم يقول كلمة الفصل بين هؤلاء جميعا. وقال عن المسيح: إنه كلمة الله ألقاها إلى مريم وروح منه وإنه بشر .. إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ وكان هذا فصل الخطاب فيما كانوا فيه يختلفون. واختلفوا في مسألة صلبه مثل هذا الاختلاف. منهم من قال: إنه صلب حتى مات ودفن، ثم قام من قبره بعد ثلاثة أيام وارتفع إلى السماء. ومنهم من قال: إن يهوذا أحد حوارييه الذي خانه ودل عليه ألقي عليه شبه المسيح وصلب. ومنهم من قال: ألقي شبهه على الحواري سيمون وأخذ به .. وقص القرآن الكريم الخبر اليقين فقال: وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ