أخفوه من تدبير الفتك بصالح وأهله، ومكر الله إهلاكهم من حيث لا يشعرون
فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ أي فكان عاقبة مكرهم الدمار بالصيحة
فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً أي خالية ولا زالت كذلك بِما ظَلَمُوا أي بسبب ظلمهم إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ أما الجاهلون فلا يعرفون ولا يتعظون
وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا بصالح وَكانُوا يَتَّقُونَ عصيان أوامر الله.
[نقل]
بمناسبة قول قوم صالح لصالح قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ قال صاحب الظلال:
(والتطير: التشاؤم. مأخوذ من عادة الأقوام الجاهلة التي تجري وراء الخرافات والأوهام، لأنها لا تخرج منه إلى نصاعة الإيمان. فقد كان الواحد منهم إذا هم بأمر لجأ إلى طائر فزجره أي أشار إليه مطاردا. فإن مر سانحا عن يمينه إلى يساره استبشر ومضى في الأمر، وإن مر بارحا عن يساره إلى يمينه تشاءم وتوقع الضر؟. وما تدري الطير الغيب، وما تنبئ حركاتها التلقائية عن شئ من المجهول. ولكن النفس البشرية لا تستطيع أن تعيش بلا مجهول مغيب تكل إليه ما لا تعرفه وما لا تقدر عليه. فإذا لم
تكل المجهول المغيب إلى الإيمان بعلام الغيوب وكلته إلى مثل هذه الأوهام والخرافات التي لا تقف عند حد، ولا تخضع لعقل، ولا تنتهي إلى اطمئنان ويقين.
وحتى هذه اللحظة ترى الذين يهربون من الإيمان بالله، ويستنكفون أن يكلوا الغيب إليه، لأنهم- بزعمهم- قد انتهوا إلى حد من العلم لا يليق معه أن يركنوا إلى خرافة الدين- هؤلاء الذين لا يؤمنون بالله ولا بدينه ولا بغيبه .. نراهم يعلقون أهمية ضخمة على رقم ١٣، وعلى مرور قط أسود يقطع الطريق أمامهم، وعلى إشعال أكثر من لفافتين بعود ثقاب واحد ... إلى آخر هذه الخرافات الساذجة. ذلك أنهم يعاندون حقيقة الفطرة. وهي جوعتها إلى الإيمان، وعدم استغنائها عنه، وركونها إليه في تفسير كثير من حقائق هذا الكون التي لم يصل إليها علم الإنسان، وبعضها لن يصل إليه في يوم من الأيام، لأنه أكبر من الطاقة البشرية، ولأنه خارج عن اختصاص الإنسان، زائد على مطالب خلافته في الأرض، التي زود على قدرها بالمواهب والطاقات).