فأمريكا تكتب على دولارها «بالله نؤمن» ولكن دستورها يعتبر من الجرائم حمل المجتمع الأمريكي على دين يكون هو الحاكم، فماذا يعني هذا وأمثاله، وقد أصبح مثل هذا هو المسيطر على التفكير البشري، إلا أن البشر في عصرنا تواضعوا على أن الله لا علاقة له بشئونهم؟ وهل هذا إلا ما عرضته الآية الأولى في المقطع وهل الجواب عليه إلا ما جاء في الآية الثانية
٣ - من الشبهات التي يثيرها الرافضون لتحكيم كتاب الله، ولتحكيم شريعته؛ أن هناك دعاوى كثيرة في هذا الشأن، وأن هناك اختلافات كثيرة، وهذا من أكبر الجهل
والظلم، فكثرة الخلاف لا تعني فقدان الحق، ثم لا تقتضي تركه، بل كثرة الخلاف تبعث على العلم وبذل الجهد للوصول إلى اليقين، ومن بذل أدنى جهد عرف أن دينا هذا القرآن كتابه هو الحق الخالص.
*** وبعد أن هدم الله شبهة المنكرين لأصل الوحي، ذكر الله عباده ووعظهم، فأخبر أن إليه مرجع الخلائق يوم القيامة، لا يترك منهم أحدا إلا ويعيده كما بدأه. وأن حكمته في إرجاع الخلق إليه وبعثهم هو مجازاة المكلفين. فمقتضى عدله أن يثيب المطيع ويعاقب العاصي، ومن ثم اقتضى ذلك أن يكون هناك يوم آخر. وإذ كان الأمر كذلك فكيف يستغرب المستغربون أن ينزل وحيا ينذر الناس بما أمامهم، ويبشر الصالحين بما أعد لهم، بعد أن يدلهم على طريق الإيمان والعمل الصاح. قال تعالى: إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً أي إلى الله رجوعكم ومآلكم كلكم، فلا ترجعون في العاقبة إلا إليه؛ فاستعدوا للقائه باتباع وحيه وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا أي هذا وعده الجازم المؤكد أن يعيدكم إليه جميعا. إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ هذا تعليل لإمكان العودة وقد شاءها الله فما المانع من ذلك. وتعليل لوجوب المرجع إليه فمن بدأ الخلق قادر على أن يعيده وقد أوجب الرجوع إليه لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ أي العدل والجزاء الأوفى، أي ليكافئهم بعدله ويوفيهم أجورهم، أو ليكافئهم بسبب عدلهم إذ آمنوا ولم يظلموا، وهذا بيان للحكمة من ابتداء الخلق وإعادته، فالحكمة هي جزاء المكلفين على أعمالهم وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ أي بالغ نهاية الحرارة وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ أي بسبب كفرهم يعذبون يوم القيامة بأنواع العذاب من سموم وحميم، وإذا كان هذا وعده، وإذا كان هذا كائنا لا محاله، فكيف يستغرب الجاحدون أن ينزل وحيا؟ وكيف يتهمون رسوله بالسحر! فالآية وعظ