غير أساس ولا استقامة حتى فقدوا ثوابهم أحوج ما كانوا إليه هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ عن طريق الحق، أو عن الثواب.
[نقل]
بمناسبة قوله تعالى: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ: لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا قال صاحب الضلال: (هنا تتجلى حقيقة المعركة وطبيعتها بين الإسلام والجاهلية .. إن الجاهلية لا ترضى من الإسلام أن يكون له كيان مستقل عنها.
ولا تطيق أن يكون له وجود خارج عن وجودها. وهي لا تسالم الإسلام حتى لو سالمها. فالإسلام لا بد أن يبدو في صورة تجمع حركي مستقل، بقيادة مستقلة وولاء مستقل، وهذا ما لا تطيقه الجاهلية. لذلك لا يطلب الذين كفروا من رسلهم مجرد أن يكفوا عن دعوتهم ولكن يطلبون منهم أن يعودوا في ملتهم، وأن يندمجوا في تجمعهم الجاهلي، وأن يذوبوا في مجتمعهم، فلا يبقى لهم كيان مستقل وهذا ما تأباه طبيعة هذا الدين لأهله وما يرفضه الرسل من ثم ويأبونه، فما ينبغي لمسلم أن يندمج في التجمع الجاهلي مرة أخرى .. وعند ما تسفر القوة الغاشمة عن وجهها الصلد لا يبقى مجال لدعوة، ولا يبقى مجال لحجة ولا يسلم الله الرسل إلى الجاهلية
إن التجمع الجاهلي- بطبيعة تركيبه العضوي- لا يسمح لعنصر مسلم أن يعمل من داخله. إلا أن يكون عمل المسلم وجهده وطاقته. لحساب التجمع الجاهلي والتميع في تشكيلاته وأجهزته. هذه الطبيعة التي ترغم كل فرد داخل المجتمع يعمل لحساب هذا المجتمع ولحساب منهجه وتصوره .. لذلك يرفض الرسل الكرام أن يعودوا في ملة قومهم بعد إذ نجاهم الله منها
وهنا تتدخل القوة الكبرى فتضرب ضربتها المدمرة القاضية التي لا تقف لها قوة البشر المهازيل وإن كانوا طغاة منجبرين:
لا بد من أن ندرك أن تدخل القوة الكبرى للفصل بين الرسل وقومهم، إنما يكون دائما بعد مفاصلة الرسل لقومهم .. بعد أن يرفض المسلمون أن يعودوا إلى ملة قومهم، بعد إذ نجاهم الله. وبعد أن يصروا على تميزهم بدينهم وبتجمعهم الإسلامي الخاص بقيادته الخاصة. وبعد أن يفاصلوا قومهم على أساس العقيدة