مرفوعا:«إذا زلزلت تعدل نصف القرآن» وجاء في حديث آخر تسميتها ربعا، ووجه ما في الأول بأن أحكام القرآن تنقسم إلى أحكام الدنيا وأحكام الآخرة، وهذه السورة تشتمل على أحكام الآخرة إجمالا، وزادت على القارعة بإخراج الأثقال، وبحديث الإخبار، وما في الآخر بأن الإيمان بالبعث الذي قررته هذه السورة ربع الإيمان في الحديث الذي رواه الترمذي:«لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع: يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله بعثني بالحق، ويؤمن بالموت، ويؤمن بالبعث بعد الموت، ويؤمن بالقدر». وكأنه لما ذكر عزّ وجل في السورة السابقة جزاء الفريقين المؤمنين والكافرين كان ذلك كالمحرك للسؤال عن وقته فبينه جل شأنه في هذه السورة).
وقال صاحب الظلال عن هذه السورة:(إنها هزة عنيفة للقلوب الغافلة. هزة يشترك فيها الموضوع والمشهد والإيقاع اللفظي، وصيحة قوية مزلزلة للأرض ومن عليها، فما يكادون يفيقون حتى يواجههم الحساب والوزن والجزاء في بعض فقرات قصار).
[كلمة في سورة الزلزلة ومحورها]
بعد الآيات التي شكلت محور سورة البينة من سورة البقرة، يأتي قوله تعالى:
كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ لاحظ كلمة (ثم إليه ترجعون) ولاحظ أن سورة الزلزلة تتحدث عن رجوع الإنسان إلى الله، وعن يوم الرجوع ذاك إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها ... فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ. من هذا الذي ذكرناه نعرف محور سورة الزلزلة وندرك الصلة بين السورة ومحورها.
وأما الصلة بين سورة الزلزلة والبينة فواضحة، حتى لتكاد تكون سورة الزلزلة استمرارا لسورة البينة، إذا إن خاتمة سورة البينة تتحدث عن جزاء الكافرين، وجزاء المؤمنين يوم القيامة، وتأتي سورة الزلزلة لتحدثنا عن ذلك اليوم، وما يكون فيه، وعن قاعدة الحساب والجزاء فيه، فلنر السورة.