وَالْعَصْرِ قال النسفي: أقسم بصلاة العصر لفضلها .. ولأن التكليف في أدائها أشق لتهافت الناس في تجاراتهم ومكاسبهم آخر النهار، واشتغالهم بمعايشهم، أو أقسم بالعشي، كما أقسم بالضحى لما فيها من دلائل القدرة، أو أقسم بالزمان لما في مروره من أصناف العجائب، والذي رجحه ابن كثير: هو القول الأخير ففسر العصر بأنه الزمان الذي تقع فيه حركات بني آدم من خير وشر ..
فأقسم تعالى بذلك على أن الإنسان لفي خسر إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ قال النسفي: أي جنس الإنسان لفي خسران من تجاراتهم (أي: الأخروية) وقال ابن كثير: أي في خسارة وهلاك
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا أي: بقلوبهم وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بجوارحهم وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ قال النسفي: أي بالأمر الثابت الذي لا يسوغ إنكاره، وهو الخير كله، من توحيد الله، وطاعته واتباع كتبه ورسله، وفسر ابن كثير الحق بأنه أداء الطاعات وترك المحرمات. أقول: قال تعالى وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ فالحق: القرآن والسنة، فالمفلحون الناجحون يتواصون بالكتاب والسنة فهما وعملا وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ قال النسفي:(أي عن المعاصي، وعلى الطاعات، وعلى ما يبلو به الله عباده) وقال ابن كثير: أي على المصائب والأقدار، وأذى من يؤذي ممن يأمرونه بالمعروف، وينهونه عن المنكر، وهكذا حددت سورة العصر طريق الفلاح والنجاة بأربعة أشياء، وقد أهمل كثير من المسلمين في عصرنا الشيئين الأخيرين، وقصروا في الأولين.
[كلمة في السياق]
رأينا كيف أن سورة العصر تفصل في الآيات الخمس الأولى من مقدمة سورة البقرة، فكما أن هذه الآيات الخمس رسمت طريق الفلاح فكذلك سورة العصر.