للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكيف لا يخدم أولياءه، وكيف لا يخاف شأنه، وكيف لا يحب آخرته ويزهد فيما يكره، إن التنبيه على علم الله في هذا المقام يضيء على السورة كلها وعلى معانيها وعلى محورها وحيّزه.

...

قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ فمن زعم أنّي كاذب فليأت بمثل ما جئت به، فإني لا أعلم الغيب، فما كنت لأخبركم عمّا سألتم من قصة أصحاب الكهف، وخبر ذي القرنين، مما هو مطابق في نفس الأمر لولا ما أطلعني الله عليه، فأنا بشر، ولكن خصّني الله بالرسالة، وأكرمني بالوحي، وشرّفني بالدعوة لدينه يُوحى إِلَيَّ فهذا الذي شرّفني الله به، وكلفكم باتباعي من أجله أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ هذا محور ما أدعو إليه، وما أوحي إليّ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ أي فمن كان يأمل حسن لقاء ربه وأن يلقاه لقاء رضا وقبول. أي فمن كان يرجو ثوابه وجزاءه الصالح فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً أي عملا موافقا لشرع الله وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً بألا يريد بعبادته إلا وجه الله وحده لا شريك له.

وهكذا بعد أن زهّد الله في الدنيا، دلّ على الطريق إليه وإلى الآخرة. ودلّ على أن محور الإسلام التوحيد. وأن العمل الصالح الملتبس بالإخلاص هو الطريق إلى الآخرة ولنلاحظ أن مقدمة السورة كانت: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً* قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً وأن السورة قد ختمت بقوله تعالى: فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً والملاحظ أن السورة كلها كالقرآن كله- كانت تبشيرا وإنذارا، ولنتذكر في هذا المقام أن السورة تفصّل في حيّز الأمر بالدخول في الإسلام كله، وعلى هذا فخاتمتها تشير إلى طريق الدخول في الإسلام: العمل الصالح الخالص لله. قال ابن كثير: وهذان ركنا العمل المتقبّل، لا بد أن يكون خالصا لله، صوابا على شريعة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

[فوائد المقطع الأخير]

١ - [مناقشة وتحقيق حول الاتجاه القائل بأن آية قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا نزلت في الخوارج]

هناك اتجاه في قوله تعالى: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا أنها في الخوارج، والتحقيق أنها ليست فيهم خاصة قال ابن كثير: روى البخاري ... عن مصعب قال: سألت أبي- يعني سعد بن أبي وقاص- عن قول الله: قُلْ هَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>